المشاركات

عرض الرسائل ذات التصنيف مقالات

رؤية حول قوة الدور السعودي عالميا

صورة
رؤية حول قوة ا لدور السعودي عالميا طالب فداع الشريم لا يمكن للمتأمل فيما يجري على مسرح القوى العالمية من تغيرات متسارعة، ومتلاحقة سياسيا، وما يحدث من صراعات دامية، واختلال الكثير من العلاقات الدولية، وأفول اقتصادات وبروز أخرى، إلا أن يقرأ ملامح مستقبل جديد لمنطقة الشرق الأوسط، والعالم بشكل عام. ومع ظهور كثير من الطروحات، والسيناريوهات حول هذا المستقبل المتوقَّع. يبرز في هذا السياق كتاب «رؤية استراتيجية – أمريكا وأزمة السلطة العالمية» وهو عنوان الكتاب الأحدث لكاهن الاستراتيجيا الأمريكية بريجنسكي، الذي قدّم فيه رؤيته الخاصة حول توزعات القوى في العالم خلال العقدين أو الثلاثة القادمة، وتصوراته المعمقة للوزن النوعي لكل نموذج من النماذج القائمة، كالنموذج الأمريكي والصيني والأوروبي والهندي واللاتيني والتركي والإيراني. ومع أن بريجينسكي لم يعر انتباهاً لمنطقتنا، لأنه يعتقد أن موازين القوى فيها ستظل مرتبطة بالنموذج الأمريكي قوة أو ضعفاً، لكن هذا لن يمنعنا من تطبيق المعايير التي اعتمدها بريجنسكي للخروج بتصورات حول قوة الدور السعودي في الفترة المقبلة. لقد برز الدور السعودي في منطقتنا خلال الع

الدولة والحزب رؤية تأملية

صورة
الدولة والحزب رؤية تأملية                طالب فداع الشريم                     27-12-2014 1:01:53 PM يغلب على الدولة المحافظة في ثقافتها وتقاليدها وتوافق شعبها مع قادتها الطابع الأسري أو العائلي، أو لنقل القبيلة الكبيرة التي وإن اختلف أفرادها في توجهاتهم، إلا أن الرابط لا ينقطع بالجملة، ويبقى كالحضن الكبير الذي يحتوي المشتت والمتباعد من أعضائه. ولكن هذا لا يكفي لبقاء أواصر الوصل والتكامل والتكافل على متانتها ما لم تقدم الدولة لأبنائها ومواطنيها رسالة محددة تستقر في أنفسهم خلودا يمكنها فيهم من مواجهة أمواج التغيير المتسارعة على المسرح الدولي المتقلب المزاج، وعلاقات المصالح الوقتية. لقد ظهرت فكرة الأحزاب في الوطن العربي منذ بدايات عصر النهضة، وحركة التأليف في القرن العشرين بشكل يحاكي مهام الدولة، وكانت أولى مداخلها اللعب على القصور الحكومي تجاه الشعب كمعزز لرسالة الحزب النهضوية، والتي ستحقق في نهاية المطاف الرفاهية الغائبة أو المفقودة بسبب استغلال السلطة، ونقص أداء الحقوق الوطنية، من تعليم وعلاج وعمل ومعيشة.

دورة الحضارات

دورة الحضارات جريدة الوطن طالب فداع الشريم لم تستطع أي من الشعوب أو الأعراق الاستحواذ الكامل والدائم على الحضارة الإنسانية، ولقد أثبت توينبي أن الحضارة الإنسانية لا تسير في خط مستقيم ومتصاعد، بل إنها تسير في دوائر منفصلة، حيث تنمو وتتصاعد وتبلغ ذروتها في بقعة ما من بقاع العالم، ثم لا تلبث أن تذوي وتموت، وقد شبهها ابن خلدون بدورة الكائن الحي، والسجل التاريخي الإنساني يقدم أمثلة لا حصر لها على صحة هذا التصور للحضارة الإنسانية. ونتيجة لهذه الطبيعة غير المتصلة للتاريخ تولدت النزعة المركزية لدى الأمم المستحوذة على الحضارة في كل الأزمان، عصرنا الحاضر هو عصر المركزية الأوروبية بلا منازع، وقد سبق هذا العصر عصر المركزية الإسلامية، وقبله تسيدت المركزية الرومانية، هكذا سارت أحداث التاريخ منذ بدايات الإنسان الأولى، وانتقاله من البدائية إلى كائن متدرج في التطور، ولحاجته الملحة إلى الطبيعة، كان اكتشافه للنار فتحا عظيما، مكنه من القضاء على الكثير من المخاوف، وتطويع الحديد لزيادة قوته، ولم يتوقف هذا الكائن الناطق عندما سُخر له، بل أوغل في استعمال أدوات الطبيعة لما يفوق حاجته، وأصبح يقاتل بني ج

إعلامنا بين الجوهر والعرض

إ علامنا بين الجوهر والعرض   جريدة الوطن طالب فداع الشريم عقد من الزمن مضى وصحافتنا المحلية تترقى بخطوات ملموسة من مرحلة نقل الخبر إلى مرحلة أكثر جرأة في التعليق على هموم الشارع، ومما لا شك فيه أن الطرح الجريء لعدد من القنوات المرئية المحسوبة على المملكة العربية السعودية، كقنوات خاصة قد قدمت للشأن المحلي نافذة عبور وصوتا مسموعا أكثر وعيا وإدراكا للرسالة الإعلامية. كل تلك التحولات أضفت على الإعلام المحلي صبغة خاصة به، تنافس مثيلاتها في الدول المجاورة، وتجاوزت خطوط الرقيب على المستوى العربي، ومع كل هذه الخطوات إلا أن درجة الإقناع ما زالت تقع بين مطرقة النهم العام للشارع الذي أصبح يقارن ويقرأ الخبر قبل إعلانه من خلال ما يملك من وسائل تربطه بالعالم أجمع، وبين سندان المؤسسات الحكومية التي لم تواكب بعد هذه التطورات النوعية للوعي العام، وكذلك تخلفها في حلبة السباق الإعلامي المحموم. ولا بد لنا من الإشارة إلى أن ثمة ثلاث ركائز بنيوية.. هي مؤسسات الدولة.. والفضاء العمومي (المواطنين).. والفضاء الإعلامي.. ولكل ركيزة اتصال وتفاعل وتكامل مع الأخرى.. إلى هنا والأمر بدهي، لا يثير مزيدا من الضوء.

هوية الدولة العربية الحالية

هوية الدولة العربية الحالية   جريدة الوطن طالب فداع الشريم هناك قضايا فكرية عربية معاصرة، لم يستطع المفكر العربي إظهارها على السطح، بل إن هذه القضية بُحثت من قبل مفكرين ليست لهم علاقة بالشأن العربي أكثر من كونها علاقة تخطيط استراتيجي مصلحي لاستباق التغييرات المتوقعة على الخارطة العربية واستشراف الذهنية الشعبية لا أكثر.. إنها جهود بحثية لاستمرار السيطرة الغربية على المشرق العربي. إن قضية الهوية للدولة العربية الحالية لم تستوف بعد شروط بحثها، لأسباب قد تكون منوطة بنوعية المفكر العربي المعاصر، أو بنوعية الدولة العربية المعاصرة، كذلك لا بد لنا من النظر على من يؤثر في الآخر، وهل العلاقة بين المفكر والدولة علاقة تكاملية، أم علاقة انفصال، فمتى ما استطاع المفكر العربي النفاذ بفكره لجذور المشكل، مع قدرته على أن يكون خارجها ليحتكم لرؤية أوسع، وبالتالي يضع قضيته إلهامه ويحصرها في زاوية ومن ثم يتناول ما لديه من رؤى وحلول ومقترحات تتناسب والوضع القائم أمامه في سبيل الوصول لحكم متجرد إزاء قضية الهوية. وقد تكون هوية الدولة هي من أثرت على فكره قبليا، وأصبح هو جزء من المشكل، وكنتاج لها، ومحصل بعدي

موقف التخاطب المثالي

موقف التخاطب المثالي جريدة الوطن طالب فداع الشريم الإثارة في العلوم الإنسانية لا تتوقف، فمنذ بدايات القرن الـ19 والجدل مستمر حول المنهج المؤدي إلى اتفاق وإجماع بشري حول موقف مثالي للتخاطب، ولن يتوقف الجدل ونواميس الحياة تتسم بالاستمرارية والتقدم والتغيير المتتابع. الإنسان يتغير، وكذلك الكون، والحياة وأدواتها، إنها سنن ربانية، والمثير أن هذا الكائن الناطق دائما ما يدعي أن الحقيقة بحوزته وحده، وكأن الآخرين ظلال ووهم، أو مجرد أجساد تتحرك، وعليهم الإنصات له فحسب.. ونوع آخر من هذه الفصيلة يرفض أي تطور، وقد يناصبه العداء بدواع متعددة، منها الخوف من التغيير خشية أن يفقده امتيازاته، أو بسبب فكرة المؤامرة التي تتربص به، ولا ينفك عن مقاومتها وإحباطها في مهدها. لقد أذن مفهوم المعرفة والحقيقة والإجماع خلال القرن المنصرم والحالي لظهور عدد من النظريات التي اعتنقها الكثير من أصحاب القرار، سواء بوعي أو بغير إدراك كثقافة بشرية متعدية.  وعلى سبيل المثال، يذهب دعاة النظرية "الوضعية" في العلوم الإنسانية إلى القول بأن الفهم المناسب للحقيقة يؤكده المنهج العلمي التجريبي والتقني، وهو

لحظات .. نجدنا خلسة

‏ شوارد ذهن ..   لحظات .. نجدنا خلسة نتحايل على قصورنا.. ونهرب منه إليه خلسه.. نقف ولا نعلم هل شعرت فينا الأرض؟ أم هل بدى لنا وكأننا قد عرفنا جادة صعود شواهقها..! لا بل هل طاولنا فضاءات الكون! أم فارقت أرواحنا ظلمة الأجساد غفلة، وشرعت طلسمات فكرٍ في لحظات صحوة؟ أم كنا نتحايل على قصورنا بانتحال أحوال ننشدها.. ونهرب أليها خفية.. هناك.. حيث جزيرة منزوية في ركن بكرٍ قصي.. أغمضة عين واحدة.. ل ألا ترى العبث بإخواتها في العرق.. وفتحت عينها الأخرى سعيدةً بمخلوقات همها صيرورة نظام منضبط.. مقبول بدرجاته التي هي عليه.. لا تصحر.. لا تعرية.. لا جفاف.. لا قطع.. لا وصلٍ ردِه نافع.. للمتنفع فحسب.. هواء لم تلامس تيارته دم هابيل وخطيئة ابليس.. ونبته قد تزينت بدفئ حمرة أزهارها.. وبياض ابيض من وردة بيضاء.. لا تحتمل الأنفاس الملوثة بشوائب الأنا .. وحلاوة طعم ثمارها لها زينة وعطاء.. فتمخطرت بين الحقول.. آمنةً مطمئنة.. راضية مرضية.. لا تمسها مكروبات التطفل.. وأمراض “الكسب أحادي المورد” والتي تنتشر بكثرة في الجهة المقابلة على نفس التربة.. إلا من طير لو علم إنه سيكون أخ لإولئك لا

«ياهلا أمريكا».. يكسر جدار الصمت

«ياهلا أمريكا».. يكسر جدار الصمت   في برنامجه مع المبتعثين السعوديين في أمريكا، حطم الإعلامي علي العلياني حاجز الصمت، وتداول بكل شفافية ووضوح قضايا المجتمع السعودي المسكوت عنها عبثاً، وحرك مياهها الراكدة بكل جرأة، وبأسلوب محبب ومشجع لاستنطاق ما كان يُعد من الممنوعات، كقضايا المناطقية، والقبلية، والطائفية، وغير ذلك مما يؤدي إلى نتن العنصرية. لقد خرج برنامج يا هلا أمريكا ليلة الرابع من رمضان 1434 وعلى الهواء مباشرة بحقائق ودلائل سنن التطور، فالإنسان جزء ضمن جزيئات هذا الكون دائم الحركة الخاضعة لنواميس التبدل والتّغير، وهذا ما ظهر من خلال إجابات طلابنا في الخارج، الذين سيجنون ثمار برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، كأحد ركائز تطوير التعليم. إن هذا الجيل محظوظ حتى لو كثرت الحواجز! التي تحولت عبر مواقع التواصل الإلكترونية إلى قضايا كانت في السابق يشار إليها، واليوم تتداول كانطباع عام يصرح به علناً، ولكن لا يجب التعامي عن وجود مفاتيح التفاؤل التي سُتحمل بأيدي هؤلاء الفتية الذين سيتبوأون قريباً سدة المسؤولية لإزاحة ما تبقى من حواجز، وهذا الأمل المرجو لنتائج هذا المشروع ا

«المعرفة» وكتّاب الرأي والسيف

كتب خالد السيف، في صحيفة «الشرق» مقالاً استعرض من خلاله كتّاب الرأي في الصحافة السعودية.. وعنونه بـ «دُلّوني على: «كاتبِ رَأي» في صِحافتِنَا»، كناية عن ندرتهم في هذا المجال.. وقال واصفاً الحال الذي هم عليه: «أن يقتاتَ على: «موائدِ العوامِ» فَيَصنعونَ لهُ رؤيتَهُ حيالَ أيّ مُستجدٍّ، ثُمّ لا يلبث أنّ يُعيدَ لهم مُنتَجَ ثرثرتِهم ثانيةً في هذه الصحيفةِ أو في تلك»، وأضاف: هو أندرُ من: «الكبريت الأحمرِ»، ويظهر لي أن المؤشر لديه اتّجه إلى فئتين فقط، وهذا من وجهة نظري حصرٌ مخلٌّ بغض النظر عن النوعية التي يراد عرضها.. لأن «الرأي» كمصطلح يتضمن عديدا من العناوين العريضة.. هناك رأي الشارع، رأي المنظمات، رأي موجّه، رأي فردي، رأي مبتسر أو متحيز، رأي مسبق، رأي نظيف، رأي قانوني.. ورأي عام.. وهكذا.. هذا إذا فصلنا المصطلح عن المقصود لديه. وعليه فإن رأيي في هذا.. أن الكاتب السيف قد بيّن ظاهرة جلية تنحو باتجاه تكرار قول الشارع.. متقاطعةً مع المراسلين.. بمعنى إعادة الخبر بصيغة تتحكم فيها مفردات منمّقة أكثر مما ذكره ناقل الخبر.. وقد أجاد السيف، عندما ذكر في سياق المقالة أن هؤلاء ين

معادلة الفوضى والعدالة

                   معادلة الفوضى والعدالة   العدالة الاجتماعية تؤلف القلوب، وتقرب المتباعدين، وتضبط جمع المجتمعات، وهي مدعاة فخر للشعوب.. بغيابها يوسم المجتمع ومؤسساته بسمة الفوضى.. وكم نزلت هذه المفردة وبسطت نفوذها على الذاكرة في مجتمعاتنا العربية!  عدالة، وفوضى.. مصطلحان لا يجتمعان في وادٍ ذي زرع.. فالعدالة الاجتماعية هي العدل والإنصاف بين الناس كافة.. فلا تختزل لأنها كلٌ متكامل.. إن حضرت تحضر بجوهرها لا بأعراضها.. يقول الكواكبي: «إن العقلاء يستعملون الحكمة في توجيه الأفكار نحو تأسيس العدالة». وقد سلم بها أهل العلم الشرعي، وكذلك الفلاسفة من قديم، ويسلم بها اليوم كل ذي عقل كأحدى الفضائل الأربع مع الحكمة والشجاعة والعفة.  إن قضية تعارض دعوى معينة، مقابل دعوى هو النقيض المنشئ للفوضى، واختلاط القيم، واختلال النظام العام، حتى يقال في هذه الحالة «قومٌ فوضى»، فالمتناقضان لا يجتمعان، ولكن يمكن أن يرتفعا، كخلط لونين معاً مما ينتج عنهما لون واحد جديد.. أما المتضادان لا يجتمعان ولا يرتفعان.  وبعد هذه المقدمة الاصطلاحية الموجزة، أما آن لنا معرفة هذا الشيء الذي يؤدي إلى إسباغ الفوضى عل

الصحة هي الأمن يا وزيرها

              الصحة هي الأمن يا وزيرها   كم سعدنا وسعد الوطن عندما كان مشرطه في غرفة العمليات.. يفصل ويربط ويعيد حياة الناس للعيش بعد أمر الله تعالى.. إنه معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة.. كباني لأحد منجزات الوطن التي نفاخر فيها. ولكن دوام الحال من المحال.. فبعد أن أصبح وزيراً لكل صحة الناس في بلدي.. لم يتقدم للأمام.. بل بقي مع الماضي مرتبطاً كارتباط السياميين الذين أبدع في فصلهم.. ولم يستطيع فصلها عن عمله كوزير يدير الصحة العامة للناس.. كثيرة هي القضايا المؤرقة لصحة الناس في أطراف السعودية المترامية.. والتي تحتاج أكثر من وزير صحة لكل منطقة.. أو العمل بخطة طويلة الأمد لجعل هذه المناطق تكتفي بأنباءها من خلال انتداب عدد منتخب لتخصصات دقيقة، وتجهيز منشآت قادرة على توفير ما يجده المريض في المدن الثلاث الكبيرة، وبالتالي إغلاق هذه الفجوة الاجتماعية بين ما يأمله الناس هناك وما هو واقع بعيد عنهم. فقد ظهر في الوئام صبيحة يوم السبت 2 مارس 2013 خبر طلب المواطن فهد الزياد من سكان سكاكا في منطقة الجوف لطائرة إخلاء من دولة الأردن الشقيقة، ومن ماله الخاص بدفع أكثر من 52 ألف فقط لنقل أبن

دراسة المنهج في اختلال السلوك!

                 دراسة المنهج في اختلال السلوك؟   لقد كان منظراً مؤسفاً من جهة.. وإضاءة من جهة أخرى.. ذلك الذي كان عليه حال العشرات من شبابنا وهم يتهافتون فوق الأنقاض في حادثة شاحنة الغاز تحت كبري الحرس الوطني في الرياض.  وقبل الشروع في باب التساؤلات التي قد تطرق أبواب الإجابات الشافية، لابد وأن نذكر الجانب الحسن من الصورة.. فقد شاهدنا العشرات أيضاً من شبابنا وهم يبادرون من تلقاء أنفسهم لمد يد العون بكل طاقاتهم.. منهم من حمل خراطيش المياه، ومنهم من ساعد في الإنقاذ، وكذلك المشاركة مع فرق الإسعاف، ووقف الكثير منهم مشكلين طوابير على بنوك الدم للتبرع بدمائهم في مشهد يثير الغبطة ويرسم إطار المُثل لهذا المجتمع الذي يتَّكئ على موروثات حضارية عظيمة.  ولأن المجتمعات الحية تتوقد لتنهض، فإنها تقف عند الظواهر السلبية لتمحيص أسبابها ودراستها للتمكن من تقويضها، ومن تلك الظواهر أفعال أولئك الذين قاموا باقتحام إحدى المؤسسات التجارية المتضررة من الحادث، وتهافتوا فوق الأنقاض لحمل ما يقع تحت أيديهم وكأنها غنائم يشرع اقتناؤها!  مظهر لابد وأن تخطئه كل الإجابات قبل معرفة الأسئلة: هل مصدر تلك

من يملك حق النقد؟

من يملك حق النقد؟ لا أحد أولى من غيره في ممارسة النقد، إذ أصبحنا نعيش في وسط تتكاثر فيه النجوم المبهرجة بأضواء المتابعين.. نجوم أرضية بأرقام وإحصائيات تنافس بعددها نجوم السماء.. ولكن السؤال الذي يجب أن تكون له إجابة: هو أي بضاعة يحمل هؤلاء؟ وما القيمة التي يقدمونها لمجتمعهم؟ في الوقت الذي يقبع الحال الجمعي في مؤخرة الأمم عملاً، وإن زخرت موروثاته بالقيم الكفيلة بانتشاله من الوهن الراهن إلى الريادة المنشودة!. توجد لدينا وفرة وسائل، وضمور قيمة، فالوسائل الإلكترونية ومنها قنوات التلفزة الفضائية، والإذاعات المسموعة، والصحف المقروءة، وشبكات التواصل الاجتماعي، تتكاثر بشكل لحظي، مما يشرع للأسئلة أن تكون حاضرة لتتلمس لنا نوعية المواد التي تعنى بها وقيمتها، ومنهجيتها، ومدى تأثيرها على تحويل وتشييد الفكر العام. لا أرى من وجهة نظري البسيطة أن تلك الوسائل قد قدمت أو ستقدم مستقبلاً عملاً تنويرياً مؤثراً للارتقاء العام بالفكر، والقيام بدور تثقيفي للمجتمع! بسبب أن الدور المعلن لتلك الوسائل والمؤسسات الإعلامية هو الدور التثقيفي، ولا يمكن أن تصل لهذا الهدف ما بقيت أسيرة الانتماء الذي يقف بمسافة طويلة

تهافت نظرية التنبؤ بالمستقبل

                     تهافت نظرية التنبؤ بالمستقبل   هناك كثير من النظريات العلمية التي يُعمل بها في المناهج الدراسية، والتي يؤخذ بها كما هي، حتى يخرج ما ينقضها، ويتبعه آخر ينسف ما جاء به سابقوه، وهكذا.. أما نحن فنجهز أنفسنا لتلقي نظريات هؤلاء القوم!  ومن تلك النظريات التي شاعت في عصور التحولات الغربية، نظرية ماركس (التطور في الواقع الاجتماعي) والتي بناها على إثر النجاحات الباهرة للاكتشافات العلمية التجريبية، وأراد نقلها للعلوم الإنسانية.. ولزمن طويل كان كثير يؤمن بها.  والحقيقة الجلية التي لا يخالطها شك أن العالم قفز كثيراً في سلم علم الطبيعة النظري، وأثبت نظرياته بإمكان قبولها للتجريب، ومبدأ الحتمية، والتنبؤات، والتكذيب، والتصويب باستمرار.. وتبقى وجهة النظر المقابلة التي ترفض الخلط بين العلوم الطبيعية التجريبية، والعلوم الاجتماعية البشرية، محل قبول..   وقد أحدث ظهور كتاب (عقم المذهب التاريخي أو عقم التاريخانية، لكارل بوبر 1956) والذي ترجمه للعربية عبدالحميد صبرة في طبعته الأولى 1992، وهنا يتضح الفارق الزمني الكبير بين صدوره، وبين وصوله مترجماً للغة العربية.. أحدث تحولاً ك

المسؤولية.. وكسب الثقة

                       المسؤولية.. وكسب الثقة إ ن المسؤول الذي يعي ضرورة وأهمية ثقة المجتمع، لابد أن يحرص على بناء جسور هذه الثقة، ويعمل على كسبها، من خلال تقديم الرعاية المؤسسة على أسس تكفل توفرها لكل المواطنين، ويستطيع هذا المسؤول تلمس احتياجات أفراد مجتمعه ومعالجة القصور من بداياتها الأولى قبل أن تستفحل وتصبح ظاهرة، وبالتالي تتشكل وتصبح سمة يتم رمقها ولكن لا يتم التصريح بها، وتتابع مؤشرها، من خلال سلامة الأداء، أو ما يتبع وقوع القصور من شيوع ردود فعل اجتماعي، يتشكل على إثره قضية رأي عام. كثيرة هي الحوادث الطارئة، والملمات التي تتوالى تباعاً على أرض الوطن، إهمال وحرائق، طرق ملتوية، كل تلك لها أسباب بعد الإيمان بالقضاء والقدر. إن الواقع مغاير للمأمول، والتعامل مع تلك الوقائع دائماً ما يكون من خلال المسكنات الوقتية، حتى نشأت ذاكرة اجتماعية تتسم بالانفصام والانفصال، وأصبحت هذه الذاكرة عاجزة عن رؤية الظواهر التي تستحق المعالجة. إن المسؤول الحكومي الذي يعي ثقل الأمانة أمام الله أولاً، وأهمية مشاركته بعلمه وصلاحياته، وبما يتوافر لديه من إمكانات مادية وأدوات بشرية، هو من سيعمل لبناء الو

كل جديد يسكنه ماضٍ

                        كل جديد يسكنه ماضٍ سُنّة الموجودات في هذا الكون التبدل، من خلال ديمومة الحركة.. والتغيير المستمرين.. وكل متحرك هو بالضرورة مستكمل.. أي ينشد وجه الكمال الذي يراهـ بالضفة الأخرى.. التي يسعى بحركته للوصول إليها.. قد يكون المرجح والداعي للبدء بالفعل هو إما حالة عشقية.. أو تكون حالة قهرية.. فالقوي سيدٌ للضعيف.. والمجرات الصغيرة أفنت عمرها تابعة للمجرات الأكبر منها..   هذا في حالة الكون.. والأنفس البشرية جزء لا يتجزء من جزيئات هذا الكون دائمة السير.. فما سكن منها قد انتهت فيه الحياة.. وجريان النهر المستمر تجديد، وركود البحيرة تراكم مخلفات وعوالق، وهناك من الأنفس جارية متجددة نقية، ومنها راكد آسن محملة بمخلفات الأمس.. إن معرفتنا بأوجه الأشياء المتعددة، يزيح قيود الرؤية الأحادية.. يضيف مساحة من الحرية.. يتيح مسارات العودة والاستمرار.. لا القطع.. وما نطلق عليه الجديد في أمر ما.. هو بالضرورة أيضاً جديد قد سكنه ماضٍ كمن في الذات وأصبح أُسًا، وسلمًا للبناء المستحدث.. طبعاً قد يتبادر للمتلقي سؤال مشروع وماذا بعد كل هذا؟ الجواب.. "المستعد للشيء تكفيه أضعف أسبا

خطورة.. لا

                        خطورة.. لا لا .. كلمة خطيرة تختلط في بدايتها مع الأهواء، وقد تتدحرج ململمة أطرافها لتستقر في المعقول .. إذ يتحول معناها المشتت لقيم ذات أهداف منظمة .. وتكون لها أحوال تتفاوت ما بين صواب ذكرها وخطئه .. تكون لبنة بناء .. أو تكون معول هدم .. حسنة وفضيلة .. أو ذنبًا ورذيلة. لقد وهب الله تعالى الإرادة المعقولة لجنس الإنسان من بين كل مخلوقاته .. وأطلق له الحرية في كونه .. وجعل ضابطها يزرع من داخله .. ينبع من ذاته .. وأنزل عليه كلمة الفصل .. للاسترشاد بما جاءت به .. ولكن لازال هناك من يقول .. لا أريكم إلا ما أرى! إن الوعي كالبذرة .. قد تراها نمت وأثمرت ولو لم يقوم على سقايتها فاعل عن قصد .. وهذه سنن ربانية .. فالشباب اليوم ليسوا هم شباب الأمس .. يقول جبران خليل : أولادكم ليسوا لكم ، تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم ، ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم ، لأن لهم أفكارًا خاصة بهم " ..   وفي هذا السياق نذكر مقولة أخرى "أولادكم خلقوا لزمان غير زمانكم" .. فالتثقف لا تحده حدود .. ولا تمنعه سدود .. وهذا أمر لا يحتاج في استشرافه

طبيعة جرائم ما يُسمون بـ ذوي الياقات البيضاء

طبيعة جرائم ما يُسمون بـ ذوي الياقات البيضاء    هناك مفهوم لا يختلف عليه اثنان، هو أن كافة المجتمعات في الشرق والغرب تحتوي على قدراً من القصور (المقصود)، يزيد أو ينقص فيما بينها.. له تأثير سلبي على تقدم عمل المؤسسات الخدمية والفكرية والإنتاجية.. إذ لا يوجد على وجه الأرض ذلك المجتمع الفاضل الخالي من الفساد.. وفي بعض البلدان أصبح استغلال الموظفين الحكوميين لمناصبهم لكسبٍ شخصي ومنفعة بغير وجه حق من الأمور المسلم بها، بل قد تصل إلى جعلها من أساليب الإدارة الفطنة! .    ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء قبل أكثر من عام، وبالتحديد يوم الاثنين 1 صفر 1428هـ، عندما اقر مجلس الوزراء الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، والتي يأتي في مقدمة أهدافها الحماية بشتى صورها ومظاهرها، وتحصين المجتمع السعودي ضد الفساد، و تقليص الإجراءات وتسهيلها والعمل بمبدأ المسائلة لكل مسئول مهما كان موقعه وفقاً للأنظمة.. هذه الاستراتيجية توضح بجلاء مدى حرص القيادة وقربها لكل ما فيه خير المواطن، وعلى قارئنا الكريم تلمس الفروق التي أحدثتها هذه الاستراتيجية الوطنية، ومدى فعاليتها بعد أكثر من حول على صدورها.  

رياح التغيير

صورة
ريــاح التغييــــــــــــر   تتشكل ثقافة الشعوب وتتكون من خلال الصورة التي يتحرك أفراده ضمن إطارها، وتنشأ مرافقة لتطورات العقل.. فلكل جيل همومه، وآماله، ومناشطه، وعاداته، وحتى معتقداته التي تحركه لمواجهة العقبات التي تحول بينه وبين أهدافه. ولا شك أن للمجتمعات أطوار تتدرج فيها على مراحل.. وتنتقل من مرحلة إلى أخرى بطريقة تُمكّن أصحاب الاهتمام من تلمس مراحلها بنسب، وهذا من شأن متتبعي توجهات الرأي العام، ولم أقل قادته! فقد تحول الفضاء الفكري، واتسع، وأصبح ميدانه يحتوي الجميع.. وتنتقل أشكال التثاقفية المتعددة باعتبار أنها الواصل الحقيقي بين البشر. ثقافات، هويات، أنماط حياة، فكر، رؤى، معتقدات، عادات، تقاليد.. تواصلت تلك القيم الإنسانية في عصر تحكمه الآلة الإلكترونية، الخادمة له، المفتون هو فيها، المتكيف معها حتى أصبحت عنصرا هاما، وفي مقدمة عناصر ارتباطه بالآخر، وأساس للعلاقات الحميمة التي تميل إليها نفسه، وتتوق لها روحه، وأصدق صديق سكن أعماقه.. قنوات متعددة من الخيارات والتي تحكم علاقته فيها حريته المطلقة. إن تلك المنظومة الحياتية العصرية المتحررة قد أخرجت الإنسان من السي

شرفة التغيير

  شرفة التغيير   حريٌّ بنا كمجتمع ومؤسسات تقف على شرفة أمواج التغيير، وعلى أعتاب الوصول إلى تشكّل وتكوّن شرائح كبيرة من فئاته.. تكون قادرة على تلمس الحراك الفكري.. وإدراك حتميته، وقيادته، أن نتساءل عن كيفية هذا الوقوف إزاءه؟ وعن الهيئة التي سنكون عليها؟ وعن مستوى الوعي الجمعي فيه؟   فمازال هناك من يسير في طريقه بنفس تشوبها الريبة والتوجس.. ومنهم من يلتقطه ويفلته.. ومنهم من خرج عن دائرة المألوف وتلقف شيئاً منه.. وكأنه قبس من نور يضيء له ظلمته، ويأنس به وحشته.. تشبث به فرحاً، وتبناه قبل تمحيصه وقياسه ومعرفة كنهه.. حتى جعل منه نافذة ينفث من خلالها على المارّة في الطرقات صنوف اللعنات.. سواء تعرف على الوجوه أم لم يعرفها.. فقط يلعن الظلام وعلبة الشموع بجانبه.. ابتاعها ولم يحضر معها عود الثقاب.. وبقي الآخرون صامدين في وجه التيار.. لا يبرحون تكلس الجمود، وسلامة الساكن.. وأمان العادة.. وهكذا..   فقد سادت على الجمع صبغت النقل على تفرد العقل! فانشغلوا بالظنون عن العمل.. وتباروا بالقول عن الفعل..  لقد تشوهت في عيون هؤلاء معالم الطريق.. وأضحت الجهود تتبدد فيما بينهم.. أحدهم يعمل