دراسة المنهج في اختلال السلوك!

                 دراسة المنهج في اختلال السلوك؟

 
لقد كان منظراً مؤسفاً من جهة.. وإضاءة من جهة أخرى.. ذلك الذي كان عليه حال العشرات من شبابنا وهم يتهافتون فوق الأنقاض في حادثة شاحنة الغاز تحت كبري الحرس الوطني في الرياض.

 وقبل الشروع في باب التساؤلات التي قد تطرق أبواب الإجابات الشافية، لابد وأن نذكر الجانب الحسن من الصورة.. فقد شاهدنا العشرات أيضاً من شبابنا وهم يبادرون من تلقاء أنفسهم لمد يد العون بكل طاقاتهم.. منهم من حمل خراطيش المياه، ومنهم من ساعد في الإنقاذ، وكذلك المشاركة مع فرق الإسعاف، ووقف الكثير منهم مشكلين طوابير على بنوك الدم للتبرع بدمائهم في مشهد يثير الغبطة ويرسم إطار المُثل لهذا المجتمع الذي يتَّكئ على موروثات حضارية عظيمة.

 ولأن المجتمعات الحية تتوقد لتنهض، فإنها تقف عند الظواهر السلبية لتمحيص أسبابها ودراستها للتمكن من تقويضها، ومن تلك الظواهر أفعال أولئك الذين قاموا باقتحام إحدى المؤسسات التجارية المتضررة من الحادث، وتهافتوا فوق الأنقاض لحمل ما يقع تحت أيديهم وكأنها غنائم يشرع اقتناؤها!

 مظهر لابد وأن تخطئه كل الإجابات قبل معرفة الأسئلة:
هل مصدر تلك الأفعال غياب الوعي؟
هل تلك التصرفات من باب التطفل فحسب؟
هل افتقد هؤلاء الوازع الديني الذي يحرم مثل تلك السلوكيات؟ والمانع الاجتماعي الذي يعيبها؟ والنظم التي تجرمها؟
هل هو الفقر والحاجة؟ هل تلك الأفعال من بنات البطالة؟ على رأي بعضهم!
هل غاب عن هؤلاء الأثر الذي سينعكس على صورة المجتمع وهي تنتقل عبر الحدود؟
هل يفتقد هؤلاء لمكانة وقيمة المجتمع الذي يعيشون وسطه؟
هل هم ثمار البذرة التي سكنت جوف التربة فأورقت بهم؟
هل هم مخرجات البيئة بكل جوانبها وسلمها التراتبي؟

 كم من الأسئلة! وعلامات التعجب! صورها ذلك المشهد.. فقد قدم لنا هذا الحدث ظاهرة يمكن أن تكون للوهلة الأولى من أبسط الدراسات المجانية، وبلا استبيانات موزعة.. فالظواهر تخضع لدراسة عينة لشريحة معينة إما أن تكون مقصودة أو عشوائية على حسب نوعية المشكل.. ومن النظرة الأولية قد يمثل هؤلاء الشباب 10 ٪ من سلوك المجتمع، إن تجاوز الرقم العشرات كما يظهر.. وهنا لا يستطيع قائل إنها لن تتكاثر أو لن تعيد فعلتها في الحوادث المستقبلية!

 من الممكن أن ندرأ أخطار الأخطاء المادية.. ولكن الخطر الخفي يكمن في السلوك البشري.. وقد بادر الكثير من المجتمعات بدراسة ظواهرها من خلال معرفة تلك السلوكيات.. إذ لا يوجد ذلك المجتمع الذي يشاركنا العيش على سطح المعمورة وقد خلا من ضروب القصور التام.. ولكن هذه الحقيقة لم تمنع المجتمعات المتطلعة لبناء الإنسان وإخضاعه للتقويم منذ طفولته حتى مشيبه من خلال زرع المثل والقيم في نفسه.. ولن يدركها وهو بلا وعي.. وإن أدركها بخطاب المشاعر والحواس فقد يفقدها عند أولى الصدمات.. المسألة سلوك.. والسلوك يبنى على منهج قيم يكون خطابه العقل أولاً.. وبالتالي يمكن أن تنتظر منه تفعيل تلك الوجدانيات.. فهل أدركنا السؤال؟

 
طالب الشريم

taleb1423@

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية المعرفة عند الفارابي

الإنسان المقذوف .. !

معادلة الأنا .. ألآخر