كل جديد يسكنه ماضٍ

                        كل جديد يسكنه ماضٍ

سُنّة الموجودات في هذا الكون التبدل، من خلال ديمومة الحركة.. والتغيير المستمرين.. وكل متحرك هو بالضرورة مستكمل.. أي ينشد وجه الكمال الذي يراهـ بالضفة الأخرى.. التي يسعى بحركته للوصول إليها..

قد يكون المرجح والداعي للبدء بالفعل هو إما حالة عشقية.. أو تكون حالة قهرية.. فالقوي سيدٌ للضعيف.. والمجرات الصغيرة أفنت عمرها تابعة للمجرات الأكبر منها..
 
هذا في حالة الكون.. والأنفس البشرية جزء لا يتجزء من جزيئات هذا الكون دائمة السير.. فما سكن منها قد انتهت فيه الحياة.. وجريان النهر المستمر تجديد، وركود البحيرة تراكم مخلفات وعوالق، وهناك من الأنفس جارية متجددة نقية، ومنها راكد آسن محملة بمخلفات الأمس..

إن معرفتنا بأوجه الأشياء المتعددة، يزيح قيود الرؤية الأحادية.. يضيف مساحة من الحرية.. يتيح مسارات العودة والاستمرار.. لا القطع.. وما نطلق عليه الجديد في أمر ما.. هو بالضرورة أيضاً جديد قد سكنه ماضٍ كمن في الذات وأصبح أُسًا، وسلمًا للبناء المستحدث.. طبعاً قد يتبادر للمتلقي سؤال مشروع وماذا بعد كل هذا؟

الجواب.. "المستعد للشيء تكفيه أضعف أسبابه".. فمن رام العمل والتجديد، لا ينسف الماض بجملته.. بل يضعه في أحد جوانب الرؤية.. ثم يضع افتراضاته.. ويسوق الحلول.. ومن ثم يتخذ القرار الأصح من بين تلك الاعتبارات الصحيحة الموجودة أصلاً.. فالإبداع بمعناه الأول هو لله وحده الذي أبدع الكون بما فيه من حركة وسكون..

فكلٌ مستعد لما تشتهيه نفسه.. ولن تعييه الأسباب.. هذا ما نحتاجه في كل شؤوننا العملية.. وفي مؤسساتنا الوطنية، التعليمية، الاجتماعية، الاقتصادية، والرياضية.. وهذا مناط بكل فرد.. الذي هو أساس بناء المؤسسات، وصلاح المجتمع..

فالصفاء طاقة وقدرات.. وأن تكون أنت أولاً "گ كون تصغر في كونه المجرات".. وأن تستطيع باشراقات نفسك إضاءة بحر الظلمات.. وتحكم السيطرة لضبط المتغيرات في حدودك.. وبالتالي يتقاطع العمل الفردي مع الكل، كمنظومة عمل مبنية على قيم أصيلة.

طالب الشريم
taleb1423@

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية المعرفة عند الفارابي

الإنسان المقذوف .. !

معادلة الأنا .. ألآخر