رياح التغيير


ريــاح التغييــــــــــــر
 
تتشكل ثقافة الشعوب وتتكون من خلال الصورة التي يتحرك أفراده ضمن إطارها، وتنشأ مرافقة لتطورات العقل.. فلكل جيل همومه، وآماله، ومناشطه، وعاداته، وحتى معتقداته التي تحركه لمواجهة العقبات التي تحول بينه وبين أهدافه.


ولا شك أن للمجتمعات أطوار تتدرج فيها على مراحل.. وتنتقل من مرحلة إلى أخرى بطريقة تُمكّن أصحاب الاهتمام من تلمس مراحلها بنسب، وهذا من شأن متتبعي توجهات الرأي العام، ولم أقل قادته! فقد تحول الفضاء الفكري، واتسع، وأصبح ميدانه يحتوي الجميع.. وتنتقل أشكال التثاقفية المتعددة باعتبار أنها الواصل الحقيقي بين البشر. ثقافات، هويات، أنماط حياة، فكر، رؤى، معتقدات، عادات، تقاليد.. تواصلت تلك القيم الإنسانية في عصر تحكمه الآلة الإلكترونية، الخادمة له، المفتون هو فيها، المتكيف معها حتى أصبحت عنصرا هاما، وفي مقدمة عناصر ارتباطه بالآخر، وأساس للعلاقات الحميمة التي تميل إليها

نفسه، وتتوق لها روحه، وأصدق صديق سكن أعماقه.. قنوات متعددة من الخيارات والتي تحكم علاقته فيها حريته المطلقة.


إن تلك المنظومة الحياتية العصرية المتحررة قد أخرجت الإنسان من السيطرة وأعطته القوة، ومنعت معظم أطروحات الاستشرافية لرسم السلوك العام، وبهذا ليس من الصواب الجازم الإيمان بمقولات قادة الرأي العام، لأن هذا الرأي قد تحول لحصان جامح قد انفلت لجامه، وانطلق في البيداء التي لن تعيق حريته تحت الجبر، ليجوب المساحة الجغرافية، ويعبر حدودها الوهمية، بل تجاوز البر وأصبح يخوض عباب البحار بين مد وجزر، يذهب بقضايا، ويأتي بطروحات قد حملتها ذاكرته الفتية، هذا الجيل يسمع ويرى أكثر، يقيس ويحاجج دون حقوقه بكل السبل المتاحة، وتجاوزت إرادته الأخذ بلا تمحيص وخرج من حضن التطويع إلى فضاء الحزم الضوئية التي تجوب المعمورة قبل أن يرتد إليه طرفه.


هذا واقع وستظهر نتائج التأخير في مواكبة هذه التحولات المتسارعة بشكل يفوق قدرات القاعدين على رصيف السنن الكونية. إن مسألة وعي مؤسسات المجتمع المختلفة، وقياداتها المشرعة وعناصرها المنفذة، بتحول نمط حياة الناس، هوالشاطئ الناعم الذي سيحتضن على رماله الذهبية وظلال نخيله ركاب السفينة بأمان، إن هذا الوعي هو الذي يجب أن يواكب الفكر الجديد.. والإنسان الجديد.. وهو الذي سيثبت أمام رياح التغيير، ويواكب ما تحمله من بذور.
 
 طالب فداع الشريم
taleb1423@


 



 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية المعرفة عند الفارابي

الإنسان المقذوف .. !

معادلة الأنا .. ألآخر