المشاركات

موقف التخاطب المثالي

موقف التخاطب المثالي جريدة الوطن طالب فداع الشريم الإثارة في العلوم الإنسانية لا تتوقف، فمنذ بدايات القرن الـ19 والجدل مستمر حول المنهج المؤدي إلى اتفاق وإجماع بشري حول موقف مثالي للتخاطب، ولن يتوقف الجدل ونواميس الحياة تتسم بالاستمرارية والتقدم والتغيير المتتابع. الإنسان يتغير، وكذلك الكون، والحياة وأدواتها، إنها سنن ربانية، والمثير أن هذا الكائن الناطق دائما ما يدعي أن الحقيقة بحوزته وحده، وكأن الآخرين ظلال ووهم، أو مجرد أجساد تتحرك، وعليهم الإنصات له فحسب.. ونوع آخر من هذه الفصيلة يرفض أي تطور، وقد يناصبه العداء بدواع متعددة، منها الخوف من التغيير خشية أن يفقده امتيازاته، أو بسبب فكرة المؤامرة التي تتربص به، ولا ينفك عن مقاومتها وإحباطها في مهدها. لقد أذن مفهوم المعرفة والحقيقة والإجماع خلال القرن المنصرم والحالي لظهور عدد من النظريات التي اعتنقها الكثير من أصحاب القرار، سواء بوعي أو بغير إدراك كثقافة بشرية متعدية.  وعلى سبيل المثال، يذهب دعاة النظرية "الوضعية" في العلوم الإنسانية إلى القول بأن الفهم المناسب للحقيقة يؤكده المنهج العلمي التجريبي والتقني، وهو

لحظات .. نجدنا خلسة

‏ شوارد ذهن ..   لحظات .. نجدنا خلسة نتحايل على قصورنا.. ونهرب منه إليه خلسه.. نقف ولا نعلم هل شعرت فينا الأرض؟ أم هل بدى لنا وكأننا قد عرفنا جادة صعود شواهقها..! لا بل هل طاولنا فضاءات الكون! أم فارقت أرواحنا ظلمة الأجساد غفلة، وشرعت طلسمات فكرٍ في لحظات صحوة؟ أم كنا نتحايل على قصورنا بانتحال أحوال ننشدها.. ونهرب أليها خفية.. هناك.. حيث جزيرة منزوية في ركن بكرٍ قصي.. أغمضة عين واحدة.. ل ألا ترى العبث بإخواتها في العرق.. وفتحت عينها الأخرى سعيدةً بمخلوقات همها صيرورة نظام منضبط.. مقبول بدرجاته التي هي عليه.. لا تصحر.. لا تعرية.. لا جفاف.. لا قطع.. لا وصلٍ ردِه نافع.. للمتنفع فحسب.. هواء لم تلامس تيارته دم هابيل وخطيئة ابليس.. ونبته قد تزينت بدفئ حمرة أزهارها.. وبياض ابيض من وردة بيضاء.. لا تحتمل الأنفاس الملوثة بشوائب الأنا .. وحلاوة طعم ثمارها لها زينة وعطاء.. فتمخطرت بين الحقول.. آمنةً مطمئنة.. راضية مرضية.. لا تمسها مكروبات التطفل.. وأمراض “الكسب أحادي المورد” والتي تنتشر بكثرة في الجهة المقابلة على نفس التربة.. إلا من طير لو علم إنه سيكون أخ لإولئك لا

«ياهلا أمريكا».. يكسر جدار الصمت

«ياهلا أمريكا».. يكسر جدار الصمت   في برنامجه مع المبتعثين السعوديين في أمريكا، حطم الإعلامي علي العلياني حاجز الصمت، وتداول بكل شفافية ووضوح قضايا المجتمع السعودي المسكوت عنها عبثاً، وحرك مياهها الراكدة بكل جرأة، وبأسلوب محبب ومشجع لاستنطاق ما كان يُعد من الممنوعات، كقضايا المناطقية، والقبلية، والطائفية، وغير ذلك مما يؤدي إلى نتن العنصرية. لقد خرج برنامج يا هلا أمريكا ليلة الرابع من رمضان 1434 وعلى الهواء مباشرة بحقائق ودلائل سنن التطور، فالإنسان جزء ضمن جزيئات هذا الكون دائم الحركة الخاضعة لنواميس التبدل والتّغير، وهذا ما ظهر من خلال إجابات طلابنا في الخارج، الذين سيجنون ثمار برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، كأحد ركائز تطوير التعليم. إن هذا الجيل محظوظ حتى لو كثرت الحواجز! التي تحولت عبر مواقع التواصل الإلكترونية إلى قضايا كانت في السابق يشار إليها، واليوم تتداول كانطباع عام يصرح به علناً، ولكن لا يجب التعامي عن وجود مفاتيح التفاؤل التي سُتحمل بأيدي هؤلاء الفتية الذين سيتبوأون قريباً سدة المسؤولية لإزاحة ما تبقى من حواجز، وهذا الأمل المرجو لنتائج هذا المشروع ا

«المعرفة» وكتّاب الرأي والسيف

كتب خالد السيف، في صحيفة «الشرق» مقالاً استعرض من خلاله كتّاب الرأي في الصحافة السعودية.. وعنونه بـ «دُلّوني على: «كاتبِ رَأي» في صِحافتِنَا»، كناية عن ندرتهم في هذا المجال.. وقال واصفاً الحال الذي هم عليه: «أن يقتاتَ على: «موائدِ العوامِ» فَيَصنعونَ لهُ رؤيتَهُ حيالَ أيّ مُستجدٍّ، ثُمّ لا يلبث أنّ يُعيدَ لهم مُنتَجَ ثرثرتِهم ثانيةً في هذه الصحيفةِ أو في تلك»، وأضاف: هو أندرُ من: «الكبريت الأحمرِ»، ويظهر لي أن المؤشر لديه اتّجه إلى فئتين فقط، وهذا من وجهة نظري حصرٌ مخلٌّ بغض النظر عن النوعية التي يراد عرضها.. لأن «الرأي» كمصطلح يتضمن عديدا من العناوين العريضة.. هناك رأي الشارع، رأي المنظمات، رأي موجّه، رأي فردي، رأي مبتسر أو متحيز، رأي مسبق، رأي نظيف، رأي قانوني.. ورأي عام.. وهكذا.. هذا إذا فصلنا المصطلح عن المقصود لديه. وعليه فإن رأيي في هذا.. أن الكاتب السيف قد بيّن ظاهرة جلية تنحو باتجاه تكرار قول الشارع.. متقاطعةً مع المراسلين.. بمعنى إعادة الخبر بصيغة تتحكم فيها مفردات منمّقة أكثر مما ذكره ناقل الخبر.. وقد أجاد السيف، عندما ذكر في سياق المقالة أن هؤلاء ين

معادلة الفوضى والعدالة

                   معادلة الفوضى والعدالة   العدالة الاجتماعية تؤلف القلوب، وتقرب المتباعدين، وتضبط جمع المجتمعات، وهي مدعاة فخر للشعوب.. بغيابها يوسم المجتمع ومؤسساته بسمة الفوضى.. وكم نزلت هذه المفردة وبسطت نفوذها على الذاكرة في مجتمعاتنا العربية!  عدالة، وفوضى.. مصطلحان لا يجتمعان في وادٍ ذي زرع.. فالعدالة الاجتماعية هي العدل والإنصاف بين الناس كافة.. فلا تختزل لأنها كلٌ متكامل.. إن حضرت تحضر بجوهرها لا بأعراضها.. يقول الكواكبي: «إن العقلاء يستعملون الحكمة في توجيه الأفكار نحو تأسيس العدالة». وقد سلم بها أهل العلم الشرعي، وكذلك الفلاسفة من قديم، ويسلم بها اليوم كل ذي عقل كأحدى الفضائل الأربع مع الحكمة والشجاعة والعفة.  إن قضية تعارض دعوى معينة، مقابل دعوى هو النقيض المنشئ للفوضى، واختلاط القيم، واختلال النظام العام، حتى يقال في هذه الحالة «قومٌ فوضى»، فالمتناقضان لا يجتمعان، ولكن يمكن أن يرتفعا، كخلط لونين معاً مما ينتج عنهما لون واحد جديد.. أما المتضادان لا يجتمعان ولا يرتفعان.  وبعد هذه المقدمة الاصطلاحية الموجزة، أما آن لنا معرفة هذا الشيء الذي يؤدي إلى إسباغ الفوضى عل

الصحة هي الأمن يا وزيرها

              الصحة هي الأمن يا وزيرها   كم سعدنا وسعد الوطن عندما كان مشرطه في غرفة العمليات.. يفصل ويربط ويعيد حياة الناس للعيش بعد أمر الله تعالى.. إنه معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة.. كباني لأحد منجزات الوطن التي نفاخر فيها. ولكن دوام الحال من المحال.. فبعد أن أصبح وزيراً لكل صحة الناس في بلدي.. لم يتقدم للأمام.. بل بقي مع الماضي مرتبطاً كارتباط السياميين الذين أبدع في فصلهم.. ولم يستطيع فصلها عن عمله كوزير يدير الصحة العامة للناس.. كثيرة هي القضايا المؤرقة لصحة الناس في أطراف السعودية المترامية.. والتي تحتاج أكثر من وزير صحة لكل منطقة.. أو العمل بخطة طويلة الأمد لجعل هذه المناطق تكتفي بأنباءها من خلال انتداب عدد منتخب لتخصصات دقيقة، وتجهيز منشآت قادرة على توفير ما يجده المريض في المدن الثلاث الكبيرة، وبالتالي إغلاق هذه الفجوة الاجتماعية بين ما يأمله الناس هناك وما هو واقع بعيد عنهم. فقد ظهر في الوئام صبيحة يوم السبت 2 مارس 2013 خبر طلب المواطن فهد الزياد من سكان سكاكا في منطقة الجوف لطائرة إخلاء من دولة الأردن الشقيقة، ومن ماله الخاص بدفع أكثر من 52 ألف فقط لنقل أبن

دراسة المنهج في اختلال السلوك!

                 دراسة المنهج في اختلال السلوك؟   لقد كان منظراً مؤسفاً من جهة.. وإضاءة من جهة أخرى.. ذلك الذي كان عليه حال العشرات من شبابنا وهم يتهافتون فوق الأنقاض في حادثة شاحنة الغاز تحت كبري الحرس الوطني في الرياض.  وقبل الشروع في باب التساؤلات التي قد تطرق أبواب الإجابات الشافية، لابد وأن نذكر الجانب الحسن من الصورة.. فقد شاهدنا العشرات أيضاً من شبابنا وهم يبادرون من تلقاء أنفسهم لمد يد العون بكل طاقاتهم.. منهم من حمل خراطيش المياه، ومنهم من ساعد في الإنقاذ، وكذلك المشاركة مع فرق الإسعاف، ووقف الكثير منهم مشكلين طوابير على بنوك الدم للتبرع بدمائهم في مشهد يثير الغبطة ويرسم إطار المُثل لهذا المجتمع الذي يتَّكئ على موروثات حضارية عظيمة.  ولأن المجتمعات الحية تتوقد لتنهض، فإنها تقف عند الظواهر السلبية لتمحيص أسبابها ودراستها للتمكن من تقويضها، ومن تلك الظواهر أفعال أولئك الذين قاموا باقتحام إحدى المؤسسات التجارية المتضررة من الحادث، وتهافتوا فوق الأنقاض لحمل ما يقع تحت أيديهم وكأنها غنائم يشرع اقتناؤها!  مظهر لابد وأن تخطئه كل الإجابات قبل معرفة الأسئلة: هل مصدر تلك

من يملك حق النقد؟

من يملك حق النقد؟ لا أحد أولى من غيره في ممارسة النقد، إذ أصبحنا نعيش في وسط تتكاثر فيه النجوم المبهرجة بأضواء المتابعين.. نجوم أرضية بأرقام وإحصائيات تنافس بعددها نجوم السماء.. ولكن السؤال الذي يجب أن تكون له إجابة: هو أي بضاعة يحمل هؤلاء؟ وما القيمة التي يقدمونها لمجتمعهم؟ في الوقت الذي يقبع الحال الجمعي في مؤخرة الأمم عملاً، وإن زخرت موروثاته بالقيم الكفيلة بانتشاله من الوهن الراهن إلى الريادة المنشودة!. توجد لدينا وفرة وسائل، وضمور قيمة، فالوسائل الإلكترونية ومنها قنوات التلفزة الفضائية، والإذاعات المسموعة، والصحف المقروءة، وشبكات التواصل الاجتماعي، تتكاثر بشكل لحظي، مما يشرع للأسئلة أن تكون حاضرة لتتلمس لنا نوعية المواد التي تعنى بها وقيمتها، ومنهجيتها، ومدى تأثيرها على تحويل وتشييد الفكر العام. لا أرى من وجهة نظري البسيطة أن تلك الوسائل قد قدمت أو ستقدم مستقبلاً عملاً تنويرياً مؤثراً للارتقاء العام بالفكر، والقيام بدور تثقيفي للمجتمع! بسبب أن الدور المعلن لتلك الوسائل والمؤسسات الإعلامية هو الدور التثقيفي، ولا يمكن أن تصل لهذا الهدف ما بقيت أسيرة الانتماء الذي يقف بمسافة طويلة

تهافت نظرية التنبؤ بالمستقبل

                     تهافت نظرية التنبؤ بالمستقبل   هناك كثير من النظريات العلمية التي يُعمل بها في المناهج الدراسية، والتي يؤخذ بها كما هي، حتى يخرج ما ينقضها، ويتبعه آخر ينسف ما جاء به سابقوه، وهكذا.. أما نحن فنجهز أنفسنا لتلقي نظريات هؤلاء القوم!  ومن تلك النظريات التي شاعت في عصور التحولات الغربية، نظرية ماركس (التطور في الواقع الاجتماعي) والتي بناها على إثر النجاحات الباهرة للاكتشافات العلمية التجريبية، وأراد نقلها للعلوم الإنسانية.. ولزمن طويل كان كثير يؤمن بها.  والحقيقة الجلية التي لا يخالطها شك أن العالم قفز كثيراً في سلم علم الطبيعة النظري، وأثبت نظرياته بإمكان قبولها للتجريب، ومبدأ الحتمية، والتنبؤات، والتكذيب، والتصويب باستمرار.. وتبقى وجهة النظر المقابلة التي ترفض الخلط بين العلوم الطبيعية التجريبية، والعلوم الاجتماعية البشرية، محل قبول..   وقد أحدث ظهور كتاب (عقم المذهب التاريخي أو عقم التاريخانية، لكارل بوبر 1956) والذي ترجمه للعربية عبدالحميد صبرة في طبعته الأولى 1992، وهنا يتضح الفارق الزمني الكبير بين صدوره، وبين وصوله مترجماً للغة العربية.. أحدث تحولاً ك

المسؤولية.. وكسب الثقة

                       المسؤولية.. وكسب الثقة إ ن المسؤول الذي يعي ضرورة وأهمية ثقة المجتمع، لابد أن يحرص على بناء جسور هذه الثقة، ويعمل على كسبها، من خلال تقديم الرعاية المؤسسة على أسس تكفل توفرها لكل المواطنين، ويستطيع هذا المسؤول تلمس احتياجات أفراد مجتمعه ومعالجة القصور من بداياتها الأولى قبل أن تستفحل وتصبح ظاهرة، وبالتالي تتشكل وتصبح سمة يتم رمقها ولكن لا يتم التصريح بها، وتتابع مؤشرها، من خلال سلامة الأداء، أو ما يتبع وقوع القصور من شيوع ردود فعل اجتماعي، يتشكل على إثره قضية رأي عام. كثيرة هي الحوادث الطارئة، والملمات التي تتوالى تباعاً على أرض الوطن، إهمال وحرائق، طرق ملتوية، كل تلك لها أسباب بعد الإيمان بالقضاء والقدر. إن الواقع مغاير للمأمول، والتعامل مع تلك الوقائع دائماً ما يكون من خلال المسكنات الوقتية، حتى نشأت ذاكرة اجتماعية تتسم بالانفصام والانفصال، وأصبحت هذه الذاكرة عاجزة عن رؤية الظواهر التي تستحق المعالجة. إن المسؤول الحكومي الذي يعي ثقل الأمانة أمام الله أولاً، وأهمية مشاركته بعلمه وصلاحياته، وبما يتوافر لديه من إمكانات مادية وأدوات بشرية، هو من سيعمل لبناء الو