المشاركات

حقيقة كونية القوي سيد الضعيف

   يتكون النظام الكوكبي من الشمس، وجميع مايدور حولها، بما في ذلك الأرض والكواكب الأخرى، وأجراماً أصغر حجماً، هي الكواكب " القزمة "، والكويكبات، والنيازك، والمذنبات، وهكذا تباعاً بمعايير محمكة السبك والمقاييس، مما يقودنا علماً، ومعرفة بحقيقة توافق المنظومة الكونية مع نواميس الحياة الإنسانية، التي يجب أن يتسق معها وعي العقول لتتوافق مع الجمالية الكونية التي هندسها الخالق.    إن الوقائع المعاصرة لاشتراطات تمكن الأمم من السيطرة، والسيادة تتجلى بمدى ما تملك من معارف وحقائق كونية، فاليد العليا خير من اليد السفلى، والجرم الأكبر دائماً ما يتبعه الأصغر منه، والقوي هو سيداً للضعيف، والعالم أعلى مكانة من الجاهل، والعامل اغنى من العاطل.    وهكذا هي الحياة، تخضع لمعايير دقيقة، جعلت من بعض الأمم الضالعة بتلك المقاييس يتقدمون الركب، ويضعون لهم صولجان شديد البأس، وهو ما أخذت بأسبابه الثقافة الغربية، واليابان والصين، وحتى الهند، وتخلت عنه الأمة العربية التي فضلها الله، وخصها بخير الرسالات، ومدها بمشروعه النهضوي المتكامل لخلافته في الأرض، فأخذت منه جانب العبادات، وتخلت عن البعد الذي

قم... لتحذر عقيدتها

   يتجه البعد الاستراتيجي العقائدي الذي تسير عليه ساسة الجمهورية الإيرانية الفارسية نحو خلط أوراق المنطقة من خلال نشر ودعم مذهبهم الإثنى عشري، للوصول إلى ما يمكنها من السيطرة على ضفتي الخليج العربي، ويصل إلى أكمال دائرة مايسمى بالهلال الخصيب، ليشمل جميع اطراف شبه الجزيرة العربية، من الاحواز العربية، مروراً بالعراق، وسوريا، ولبنان، وصولاً لليمن حتى عُمان.      ولتمام الغاية المنشودة، لابد من وجود معتقدات تتأطر بها عقول التابعين لولاية الفقيه، فقد ذكر عادل علي في كتابه محركات السياسة الفارسية، أن الدراسة المتعمقة، لعقيدة المذهب الصفوي الشيعي، تميل إلى " القدرية" التي تؤمن بأن القدر ما هو إلا صناعة الإنسان، الأمر الذي يحدد النظرة لله وللكون، فهو لا يقبل مجرد النطق بالشهادتين، والاعتقاد بإله واحد لا شريك له، بل لا بد من آل بيت النبوة كأولياء، ويتجسد ذلك في دولة " الغائب " المنتظر، التي ستغير موازين القوى لصالح الخير حسب معتقدهم، وتهزم كل الشر، المتمظهر في " النواصب ! ".    ويمكن فهم هذا البعد العقائدي، من خلال الأطماع الخفية كإطار سياسي، لن يتم بدون أع

قم... لتحذر غايتها

   تكشفت الأقنعة، واتضحت الصورة، وبانت المعاوية، وأعطي كل منهم العربون، حتى استعرب كل فرد منهم، وصار دخيلا بيننا، رفعوا رآية حزب الشيطان، وحملوا صور الملآلي، أخذوا من عقائدهم، وأرادوا أن يُعمِلوها، أحتجوا بالنيابة عن رموز قم، بهدف تحقيق السيطرة على الأرض، تطاولوا كثيراً، ولم تصبح مطالبهم بالتمني، ولكنهم يريدونها غالبه، ولن يتحقق لهم ذلك إلا بضرب صميم وحدتنا.    يقول خلنجي ميرزا رئيس وزراء إيران ١٨٢٢م، " إن الشعور السائد لدى جميع الحكومات الفارسية المتعاقبة، أن الخليج الفارسي، كما يعتقدون بهذا المسمى، من بداية شط العرب إلى مسقط، بجميع جزره وموانيه بدون استثناء، ينتهي إلى فارس، بدليل أنه خليج فارسي وليس عربي"، انتهى كلامه.    هذا هو الشعور السائد الذي أصبح يسكن في ضمير كل الإيرانيين ومن شايعهم، ولم يعد مستتراً، حتى تأدلجت به المعاوي، والأذناب، فهتفت لهم وصاحت، وتعاوت وعقت.    إن كل الملابسات الزمانية، والمكانية، كما يقول الدكتور عبد الله النفيسي، رسخت في الخيال الإيراني العام كثيراً من شحنات الاعتداد التاريخي، والديمغرافي إزاء التعامل السياسي مع الضفه العربية الم

الاستثمار الأمثل للتفرد الأكمل

   نظراً لطبيعة التطورات المتلاحقة، والتغيُرات المتسارعة، التي تحيط بالمنطقة، وتداخل المفاهيم، واختلال معايير الأمن الاجتماعي في عدد من الدول العربية، واستغلال تلك الأحداث من قبل دعاة التغريب وطمس الهوية، فإن المجتمعات الراسخة على ثوابت أصيلة، بالتأكيد ستحتوي ما وراء الحدث بمقدار ما يمتلكه شعبها من وعي، وبرقي مؤسساته، وحسن الظن بقادته، وستقف بثبات أمام تلك الموجه الموجهة نحو شبابه، وستحافظ على ثوابتها وموروثاتها التي كانت عماد ظهورها، وسبباً في أن يكون لها موضع قدم بين الشعوب.    إن الشواهد التي تمثلت على مسرح الأحداث الأخيرة، برهنت بما لا يدع مجالاً للشك إن ابن الأرض الطاهرة المملكة العربية السعودية، يتميز قولاً وعملاً بمميزات وهبها الله سبحانه وتعالى، وقدّرها له، فمن تعفّر بترابها، وتخلّق بقرآنها، وتأسّى بنهج أبطالها، الذين أشعلوا قناديل النور، ورفعوا رايات العدل، وفتحوا بهممهم فجاج الأرض، حتما سيكون هو المَثل للإنسان المستنير بنور الحق، والخارجين عن تلك المُثل هم الاستثناء.    لقد تحدثت وكالات الأنباء العالمية والصحافة العربية والغربية، عن الخيبة التي لحقت بدعاة الظلال و

وطن في ميله عدل

وطن في ميله عدل - تراهم بيننا أهلاً وسهلاً... رؤوس علاميدها متعمجة... سفسطائية ينكرون حقائقها... يريدونها ديمقراطية معلبة... نريدها كما هي... طهر وجه الأرض وقبلتها... هم... كانوا ولازالوا للقباب والرايات...أبصارهم معقوفة, أذكرونا فنحن لكم نواب... فلا هم لنا... ولا الديمقراطية لهم باب... أخذوها مصطلحاً مجرداً... لفظوها جدلاً... وهي البريئة من الجعضيض... هي ليست لهم منهج... حسبها مساحات العضارس... محددة للأشقر... وأتبعوها عصراً...بالزيتوني الأعفر... ألم يتنادوا بعيداً عنهم بالنسور... وأخفوا صولجانهم حاضراً بعش الطيور... يستكينون في شمال الأرض... يلوحون عبثاً بغصن التين للعرض... كل الحكاية مشروعهم لتعري العِرض... فلا هبوا ولكنهم معاجيج... بالظلام العات يجري العملس... من فجرهم كانوا رؤوس الفتنة...لم يؤمنوا بالحق وسلامة العترة... فـ أعجلت بالوثن عليهم عاجله... تلقفت برهانهم عجفا... وتعرقبوا سلك العراقيب... عفواً هنا يكفي... فالعدل بالمكيال ميزان الحكم... الأمر أدلج... والعلامة, بلا حجاب... هذا وطن يحفظ به الدين... هذا وطن أبطال وصقور...هذا وطن مكارم الأخلاق... هذا وطن للرأي والشورى...هذ

خلجات الإنسان بين الحب والعداوة

   يتشكل الإطار الأكبر في صورة الإنسان بسلوكيات العدائية منذ حادثة قتل ابن ادم الأول، فأصبح يتجمل بوجه يخفي نوازع الغدر والتسلط, مستكيناً مسالماً حتى يتمكن من أدوات الجريمة الأولى , التي لم تنقطع شرايينها الممتدة على جسد هذا الكوكب, يقول الله تعالى (فإذا فرغت فانصب), أي إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها فجد في العبادة كما جاء في تفسير بن كثير, ولكن هذا المخلوق غالباً ما يقع ضحية حساباته الخاطئة, فانصب في معاداة الإنسان وإقصائه, وأصبحت تيارات العداوة وسمومها هي القاعدة, وتفرع منها استثناءات الحب والتسامح كسياقات ضيقة. إن مسار الإنسان في هذه الحياة, يجب أن يتوسط بين خلقين ذميمين, كالظلم والهوان, والقسوة والضعف, على منهج الوسطية التي برزت في حقب زمنية متقطعة, وأكمل تلك الفترات وأتمها أتى في عهد سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم, وعهد الخلفاء الراشدين، الذي ساد فيه العدل الإلهي, وأرسى دولة مؤسسة على أصول الحرية, والعدل والمساواة, والقسط والإخاء, وجعلت ركائز حكومتها بشورى العقول لا بقرع الطبول. ولكن جنوح الإنسان وجناياته الغالبة على مسيرته التاريخية, عادتاً ما تأتي به على خلط الصحيح بالب

التاريخ والتجربة الإنسانية المتصلة

    لقد أودع الله تعالى صفة "النسيان" في النفس البشرية، ويقال أن تسميته إنسان تعود لكثرة نسيانه، ولهذه الصفة وجهان أحدهما نعمة والآخر نقمة، ومن هنا نجد أن الجماعات الإنسانية لم تتمكن من حفظ التجارب والدروس عبر الحقب الزمنية، والعصور المتلاحقة, وبالتالي أصبح العامل المشترك في عدم الاستقرار السياسي للدول المتعاقبة حاضراً في محطات التاريخ المتصلة بالتجربة الإنسانية، نتيجة سيطرة الجانب المظلم على هذه النعمة, وتقديم الرغبات الخاصة على العامة, وقصور الرؤية في السياسات التي يجب أن تكفل تحقيق كرامة الإنسان العربي التي يستحقها دون منّة من إنسان مثله, وكأن الناس لا يتعظون بالتاريخ, ولا الأمم فهمت ما جرى للسابقين, فوقعت في نفس الأخطاء المرة تتلوها الأخرى.    فمنذ عهد الدولة الأموية (٤١-١٣٢هـ / 661-750م)، مروراً بالدولة العباسية، ثم حكم المماليك بعد الأيوبيين، التي استمرت دولتهم تحكم باسم العباسيين حتى عام ١٥١٧م، ولكن الحكم الفعلي كان بأيديهم، وخرجت الأندلس من العالم الإسلامي نهائياً عام ١٤٩٢م، وبدأت دولة العثمانيين في تركيا (٦٩٩-١٣٤٣هـ)، وورثت العالم الإسلامي بعدما قضت على دولة ال

الإبداع بين العقل والعاطفة

   إن المتأمل في سيرة الأوائل من المبدعين وبعض المفكرين المعاصرين يصل لنتيجة مشتركة مردها الميل العقلي نحو الوعي المتحرك في كل جوانبه ومعانيه, مما يضفي على أعمالهم صفة التجديد والتغيير المستمرين, وتجاوزها بعض الحقائق التي آمن بها الكثير من البشر, والمعتقدات التي تسربلها جلباب الخمول الفكري وتوشحها رداء الجمود الحركي واستظلت عن سماها بغمام الرتابة والتكرار .    وبما أننا نتفق إن الهيكل البشري متشابه, فـ هل نستطيع القول أنهم يتفاوتون في مركز الحركة فيه؟ ونحدد مدى جودته، ونستلهم حقيقة مؤداها, أن من استقر به الباعث على التفاعل والتفرد قمة الهامة وتدفقت في خلاياهـ ذرات التجديد ونهل من ينابيع الإبداع التخيلي وحلق في فضاءات التفكير التأملي، حتما تتجدد حياته, وتتمرد على المألوف التقليدي, ولو كان ذلك بنسب قد تختلف بالكم والكيف، ومن استقر به مركز التوجيه حجيرات القلب خضع صاغرا لتيارات الهوا, وتسمرت فيه ملكات الهامة. وان كان استخدام احدهما لا يغني عن الحاجة لاستعمال الآخر.    قد يقوم هذا الوصف على فكرة الشخصية الفردية، التي تحكمها معايير الحس السليم، والمنهج الاجتماعي القويم، ضمن معايير ا

ويكيليكس ووجه الحقيقة الملون

ويكيليكس ووجه الحقيقة الملون - أظهرت لنا وثائق موقع ويكيليكس لمراسلات الخارجية الأمريكية واقع العالم المعاصر، وكشفت لنا بساطة هذا العالم، وسذاجته الموغلة بوحل الغطرسة والغرور. لن نتحدث عن نصوص تلك الوثائق، ولنبتعد عنها قليلا، أو نبعدها عن بؤرة العدسة، لنستقصي كم افرازاتها بشكلها الطبيعي. عالم سفسطائي يرزح تحت وطأة إستراتيجيات النميمة، يتغامز بإيماءات مرتبكة، يغازل بعضه بعضا، وينافق ذاك بتلك، هذا يحفر، وذاك يفّتن، وذاك يتبجح، والآخر يكذب على الجميع. سبحان الله الذي خلق هذا الخلق وهو العليم الحكيم. عالم عنكبوتي، تشابكت خيوطه بوهن يشبه خيوط بيت العنكبوت - عوالم منغمسة في بحور أجندتها المختلفة، الأسرة عالم، ولها أجندتها، والجماعة عالم، ولكل بيئة عالمها، ولكل إقليم عالمه، ولكل قارة عالمها، ولكل عرق عالمه، ولكل طبقه عالمها، وعلى الكرة الأرضية وتحتها براكين تتأهب لإذابتها. إن الفيصل في ذالك التلاطم هي تلك الأطر التي تحكم العالم من خلال الرؤية التي تسبر أغواره، وبالتالي ينساق خلفها الإطار الفردي العام لكل مفصل تتكون منه تلك الوحدات المكونة للكل. والأكثر غرابة ظهور الكم الكبير من السذاجة والتح

أمة أقرأ.. الواقع والمأمول

أمة أقرأ.. الواقع والمأمول -    إن أول خطاب وجهه المولى لأمة الإسلام على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم هو "اقرأ" في أول سورة العلق: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}. وبنزول هذا التوجيه الرباني الذي تفتحت له عقول الأمة, فهمت ما تقرأ, وعملت بمقتضاه, حتى أضاء الكون بنورها, واستلمت زمام القيادة والريادة في العالم, في عصر كانت فيه الأمم الغربية ترزح تحت وطأة الظلام, لقرون عدة.    ولكن ومع تخلي أمة أقرأ عن أهدافها وبؤرة علومها واختراعاتها, واتخاذها منحى آخر أبعدها عن رسالتها التنويرية, قامت الثورات الغربية على واقعها المرير, وتلقفت العلوم العربية وبنت عليها وطورتها, وسقتها من ينابيع الدعم, حتى يومنا هذا, فسادت علومهم البشرية, وسيطروا على العالم المعاصر, متجاوزين ما كانوا عليه في تلك العصور الوسطى المظلمة, وتمسكوا بالريادة, حتى قال موشي ديان رئيس وزراء العدو الإسرائيلي الأسبق قولته المشهورة: " إن العرب أمة لا تقرأ, وإذا