حقيقة كونية القوي سيد الضعيف
يتكون النظام الكوكبي من الشمس، وجميع مايدور حولها، بما في ذلك الأرض والكواكب الأخرى، وأجراماً أصغر حجماً، هي الكواكب " القزمة "، والكويكبات، والنيازك، والمذنبات، وهكذا تباعاً بمعايير محمكة السبك والمقاييس، مما يقودنا علماً، ومعرفة بحقيقة توافق المنظومة الكونية مع نواميس الحياة الإنسانية، التي يجب أن يتسق معها وعي العقول لتتوافق مع الجمالية الكونية التي هندسها الخالق.
إن الوقائع المعاصرة لاشتراطات تمكن الأمم من السيطرة، والسيادة تتجلى بمدى ما تملك من معارف وحقائق كونية، فاليد العليا خير من اليد السفلى، والجرم الأكبر دائماً ما يتبعه الأصغر منه، والقوي هو سيداً للضعيف، والعالم أعلى مكانة من الجاهل، والعامل اغنى من العاطل.
وهكذا هي الحياة، تخضع لمعايير دقيقة، جعلت من بعض الأمم الضالعة بتلك المقاييس يتقدمون الركب، ويضعون لهم صولجان شديد البأس، وهو ما أخذت بأسبابه الثقافة الغربية، واليابان والصين، وحتى الهند، وتخلت عنه الأمة العربية التي فضلها الله، وخصها بخير الرسالات، ومدها بمشروعه النهضوي المتكامل لخلافته في الأرض، فأخذت منه جانب العبادات، وتخلت عن البعد الذي يكفل لها قيادة العالم، كقوة أقتصادية، وصناعية.
فالثقافة الإسلامية سادة العالم كحضارة قول وعمل، واعتزازاً، وثقة بأفرادها، وتفردهم بمجامع التمكين السيادي، فسادت وقادت، ولكنها ما لبثت إلا أن هانت، وتراجعت خلف الركبان، وأصبحت تابعة لغيرها، لا تستطيع العيش بدون أن يقف معها الطامع بها، المستفيد من ثرواتها، المهمش لحضارتها، العامل على طمس هويتها.
كتبت في ما مضى مقالاً بعنوان هل تحمل الوزْر وتشد الأزْر يا معالي الوزير، وذكرت إن اسم الوزارة مشتق منها، ف "الوِزْر" لأنه يحمل عن الهرم السياسي أثقاله، وأعباء المسؤوليات العظيمة، و "الأزْر" وهو المظهر أو القوة، لأن القيادة السياسة تحتاج لأعوان يمدونها بالقوة، و "الوَزَر" وهو الملجأ، وفيه قوله تعالى: (كلّا لا وَزَر)، أي لا ملجأ، لأن القيادة تلجأ إلى رأيه، وخططه الكفيلة بنهوض الدولة، وأفرادها.
والوزراء هم ساسة الأعمال، وحازت الأموال، فقد ترتكز نجاحات الدول في كثير من جوانبها التنموية على كفاءة الوزير، وما يقدمه من عمل خلّاق، وجهد وبذل بدني، وفكري متجدد، يكفل به النهوض بالأمة للأمام بشكل ملموس، وفعلي.
فالدولة تقتطع من الموازنات المليارية السنوية لصالح خزائن بعض الوزارات ما تعجز الرياضيات والحساب عن إحصائه، ولكن النتائج لا تتجاوز في بعض جوانبها حبر القلم الذي ذُكرت فيه كمخرجات مخجله في سباق الأمم المتقدمة.
ف لتنظر على سبيل المثال للوزارة التي أرتبط أسمها بالصناعة، فإنك ستتلف خلايا عقلك لتبحث عن ما يطلق عليه صناعة في عرف الحضارة المعاصرة، كصناعة محلية تفاخر بها دولياً، وتضاهي به ماتقدمه وزارات الصناعة المثيلة، وحتى لا نقسوا كثيراً، فإننا نسمع عن صناعات الورق، والبلاستيك، وإعادة تدوير العلب الفارغة.
فالشعوب التي لا تؤمن بقدرات أفرادها، ولا تعمل على أستثمار العقول البشرية لديها تبقى أمة تابعة، ومهمشة وعرضة للتطاول، والمطامع المستمرة من مختلف الأعاجم.
كثيراً ما يتبادر للذهن استفهامات لاتنتهي حول الفروق الجوهرية بين عقول أبناءنا، والعقول التي تحملها رؤوس أبناء تلك الدول المتحضرة صناعياً، هل هم يتدربون في بطون أمهاتهم مثلاً، أم ينشأ أحادهم نشأة مخطط لها مؤسساتياً، وليس بالضرورة أنهم جميعاً صناعيين، ولكنها البيئة الصالحة لدوام الإنتاجية، إبتداءاً من المؤسسات التعليمية، والاجتماعية، والفكرية، حتى الوصول لمعامل الإنتاج الصناعي، فاليابان أرسلت 150 شاباً لهدف مقصود بمكان وزمان، وأتو بأساسيات الصناعات المتقدمة، وبنوا عليها وهم الذين كانوا للتو قد أفاقوا من عملية إبادة شاملة!،ولكنه الإيمان بالقدرات الإنسانية الكامنة، والمكفولة لجميع البشر، رهان تحقيقها وجود الهمم الجامعة للصفات القيادية.
فالشعوب التي لا تؤمن بقدرات أفرادها، ولا تعمل على أستثمار العقول البشرية لديها تبقى أمة تابعة، ومهمشة وعرضة للتطاول، والمطامع المستمرة من مختلف الأعاجم.
طالب فداع الشريم
taleb1423@hotmail.com
taleb1423@hotmail.com
تعليقات
إرسال تعليق