المشاركات

تهافت نظرية التنبؤ بالمستقبل

                     تهافت نظرية التنبؤ بالمستقبل   هناك كثير من النظريات العلمية التي يُعمل بها في المناهج الدراسية، والتي يؤخذ بها كما هي، حتى يخرج ما ينقضها، ويتبعه آخر ينسف ما جاء به سابقوه، وهكذا.. أما نحن فنجهز أنفسنا لتلقي نظريات هؤلاء القوم!  ومن تلك النظريات التي شاعت في عصور التحولات الغربية، نظرية ماركس (التطور في الواقع الاجتماعي) والتي بناها على إثر النجاحات الباهرة للاكتشافات العلمية التجريبية، وأراد نقلها للعلوم الإنسانية.. ولزمن طويل كان كثير يؤمن بها.  والحقيقة الجلية التي لا يخالطها شك أن العالم قفز كثيراً في سلم علم الطبيعة النظري، وأثبت نظرياته بإمكان قبولها للتجريب، ومبدأ الحتمية، والتنبؤات، والتكذيب، والتصويب باستمرار.. وتبقى وجهة النظر المقابلة التي ترفض الخلط بين العلوم الطبيعية التجريبية، والعلوم الاجتماعية البشرية، محل قبول..   وقد أحدث ظهور كتاب (عقم المذهب التاريخي أو عقم التاريخانية، لكارل بوبر 1956) والذي ترجمه للعربية عبدالحميد صبرة في طبعته الأولى 1992، وهنا يتضح الفارق الزمني الكبير بين صدوره، وبين وصوله مترجماً للغة العربية.. أحدث تحولاً ك

المسؤولية.. وكسب الثقة

                       المسؤولية.. وكسب الثقة إ ن المسؤول الذي يعي ضرورة وأهمية ثقة المجتمع، لابد أن يحرص على بناء جسور هذه الثقة، ويعمل على كسبها، من خلال تقديم الرعاية المؤسسة على أسس تكفل توفرها لكل المواطنين، ويستطيع هذا المسؤول تلمس احتياجات أفراد مجتمعه ومعالجة القصور من بداياتها الأولى قبل أن تستفحل وتصبح ظاهرة، وبالتالي تتشكل وتصبح سمة يتم رمقها ولكن لا يتم التصريح بها، وتتابع مؤشرها، من خلال سلامة الأداء، أو ما يتبع وقوع القصور من شيوع ردود فعل اجتماعي، يتشكل على إثره قضية رأي عام. كثيرة هي الحوادث الطارئة، والملمات التي تتوالى تباعاً على أرض الوطن، إهمال وحرائق، طرق ملتوية، كل تلك لها أسباب بعد الإيمان بالقضاء والقدر. إن الواقع مغاير للمأمول، والتعامل مع تلك الوقائع دائماً ما يكون من خلال المسكنات الوقتية، حتى نشأت ذاكرة اجتماعية تتسم بالانفصام والانفصال، وأصبحت هذه الذاكرة عاجزة عن رؤية الظواهر التي تستحق المعالجة. إن المسؤول الحكومي الذي يعي ثقل الأمانة أمام الله أولاً، وأهمية مشاركته بعلمه وصلاحياته، وبما يتوافر لديه من إمكانات مادية وأدوات بشرية، هو من سيعمل لبناء الو

كل جديد يسكنه ماضٍ

                        كل جديد يسكنه ماضٍ سُنّة الموجودات في هذا الكون التبدل، من خلال ديمومة الحركة.. والتغيير المستمرين.. وكل متحرك هو بالضرورة مستكمل.. أي ينشد وجه الكمال الذي يراهـ بالضفة الأخرى.. التي يسعى بحركته للوصول إليها.. قد يكون المرجح والداعي للبدء بالفعل هو إما حالة عشقية.. أو تكون حالة قهرية.. فالقوي سيدٌ للضعيف.. والمجرات الصغيرة أفنت عمرها تابعة للمجرات الأكبر منها..   هذا في حالة الكون.. والأنفس البشرية جزء لا يتجزء من جزيئات هذا الكون دائمة السير.. فما سكن منها قد انتهت فيه الحياة.. وجريان النهر المستمر تجديد، وركود البحيرة تراكم مخلفات وعوالق، وهناك من الأنفس جارية متجددة نقية، ومنها راكد آسن محملة بمخلفات الأمس.. إن معرفتنا بأوجه الأشياء المتعددة، يزيح قيود الرؤية الأحادية.. يضيف مساحة من الحرية.. يتيح مسارات العودة والاستمرار.. لا القطع.. وما نطلق عليه الجديد في أمر ما.. هو بالضرورة أيضاً جديد قد سكنه ماضٍ كمن في الذات وأصبح أُسًا، وسلمًا للبناء المستحدث.. طبعاً قد يتبادر للمتلقي سؤال مشروع وماذا بعد كل هذا؟ الجواب.. "المستعد للشيء تكفيه أضعف أسبا

خطورة.. لا

                        خطورة.. لا لا .. كلمة خطيرة تختلط في بدايتها مع الأهواء، وقد تتدحرج ململمة أطرافها لتستقر في المعقول .. إذ يتحول معناها المشتت لقيم ذات أهداف منظمة .. وتكون لها أحوال تتفاوت ما بين صواب ذكرها وخطئه .. تكون لبنة بناء .. أو تكون معول هدم .. حسنة وفضيلة .. أو ذنبًا ورذيلة. لقد وهب الله تعالى الإرادة المعقولة لجنس الإنسان من بين كل مخلوقاته .. وأطلق له الحرية في كونه .. وجعل ضابطها يزرع من داخله .. ينبع من ذاته .. وأنزل عليه كلمة الفصل .. للاسترشاد بما جاءت به .. ولكن لازال هناك من يقول .. لا أريكم إلا ما أرى! إن الوعي كالبذرة .. قد تراها نمت وأثمرت ولو لم يقوم على سقايتها فاعل عن قصد .. وهذه سنن ربانية .. فالشباب اليوم ليسوا هم شباب الأمس .. يقول جبران خليل : أولادكم ليسوا لكم ، تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم ، ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم ، لأن لهم أفكارًا خاصة بهم " ..   وفي هذا السياق نذكر مقولة أخرى "أولادكم خلقوا لزمان غير زمانكم" .. فالتثقف لا تحده حدود .. ولا تمنعه سدود .. وهذا أمر لا يحتاج في استشرافه

كُرتنا ليست لمن يجرؤ !! (المقال الممنوع)..

كرتنا ليست لمن يجرؤ !! يوجد في رياضتنا من الحكايات والروايات ما يوازي قصص من الف ليلة وليلة.. لكن من يجرؤ !.. نعم اقصدها.. من يجرؤ على كشف المستخبي.. يوجد الكثير من القادرين على تحليل الداء ومعرفة الدواء.. لكن من يجرؤ ! يوجد الكثير من الحديث المسكوت عنه ! وإن صُمت أذاننا من كثرة البرامج ! وإن ظهر الإعلام الرياضي شفافاً.. لكنه يبقى ظاهرياً !! كرتنا المحلية منظومة مؤسسية.. لكنها أصبحت لمن لا يجرؤ !! لقد أنزل الله تعالى الحديد فيه بأس شديد.. لإحقاق الحق وإشهار العدل.. أما في رياضتنا فالبأس الشديد.. لمن يجرؤ ! أن يشير لجادة السوس !! يقول باولو كويلو.. في ذات صباح تناول أحدهم بيضة وقام بلفها داخل منديل.. وذهب إلى وسط ميدان ممتلئ بالمارة.. فصاح بهم أن من يكتشف ما بداخل المنديل يحصل على جائزة ثمينة.. وذكر لهم كل الصفات التي تدل على معرفتها.. كأنها أمامهم.. ولكنهم آثروا الصمت حتى لا يكون أحدهم مثارا للسخرية.. فربما يكون مستحضراً كيميائياً.. وأعاد عليهم الوصف وكرر السؤال.. فلم يرد عليه أحد.. ففتح المنديل قائلاً.. كان جميعكم يعرف الأجابة.. لكن أياً منكم "لم يجرؤ" على

طبيعة جرائم ما يُسمون بـ ذوي الياقات البيضاء

طبيعة جرائم ما يُسمون بـ ذوي الياقات البيضاء    هناك مفهوم لا يختلف عليه اثنان، هو أن كافة المجتمعات في الشرق والغرب تحتوي على قدراً من القصور (المقصود)، يزيد أو ينقص فيما بينها.. له تأثير سلبي على تقدم عمل المؤسسات الخدمية والفكرية والإنتاجية.. إذ لا يوجد على وجه الأرض ذلك المجتمع الفاضل الخالي من الفساد.. وفي بعض البلدان أصبح استغلال الموظفين الحكوميين لمناصبهم لكسبٍ شخصي ومنفعة بغير وجه حق من الأمور المسلم بها، بل قد تصل إلى جعلها من أساليب الإدارة الفطنة! .    ولو عدنا بالذاكرة إلى الوراء قبل أكثر من عام، وبالتحديد يوم الاثنين 1 صفر 1428هـ، عندما اقر مجلس الوزراء الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، والتي يأتي في مقدمة أهدافها الحماية بشتى صورها ومظاهرها، وتحصين المجتمع السعودي ضد الفساد، و تقليص الإجراءات وتسهيلها والعمل بمبدأ المسائلة لكل مسئول مهما كان موقعه وفقاً للأنظمة.. هذه الاستراتيجية توضح بجلاء مدى حرص القيادة وقربها لكل ما فيه خير المواطن، وعلى قارئنا الكريم تلمس الفروق التي أحدثتها هذه الاستراتيجية الوطنية، ومدى فعاليتها بعد أكثر من حول على صدورها.  

رياح التغيير

صورة
ريــاح التغييــــــــــــر   تتشكل ثقافة الشعوب وتتكون من خلال الصورة التي يتحرك أفراده ضمن إطارها، وتنشأ مرافقة لتطورات العقل.. فلكل جيل همومه، وآماله، ومناشطه، وعاداته، وحتى معتقداته التي تحركه لمواجهة العقبات التي تحول بينه وبين أهدافه. ولا شك أن للمجتمعات أطوار تتدرج فيها على مراحل.. وتنتقل من مرحلة إلى أخرى بطريقة تُمكّن أصحاب الاهتمام من تلمس مراحلها بنسب، وهذا من شأن متتبعي توجهات الرأي العام، ولم أقل قادته! فقد تحول الفضاء الفكري، واتسع، وأصبح ميدانه يحتوي الجميع.. وتنتقل أشكال التثاقفية المتعددة باعتبار أنها الواصل الحقيقي بين البشر. ثقافات، هويات، أنماط حياة، فكر، رؤى، معتقدات، عادات، تقاليد.. تواصلت تلك القيم الإنسانية في عصر تحكمه الآلة الإلكترونية، الخادمة له، المفتون هو فيها، المتكيف معها حتى أصبحت عنصرا هاما، وفي مقدمة عناصر ارتباطه بالآخر، وأساس للعلاقات الحميمة التي تميل إليها نفسه، وتتوق لها روحه، وأصدق صديق سكن أعماقه.. قنوات متعددة من الخيارات والتي تحكم علاقته فيها حريته المطلقة. إن تلك المنظومة الحياتية العصرية المتحررة قد أخرجت الإنسان من السي

شرفة التغيير

  شرفة التغيير   حريٌّ بنا كمجتمع ومؤسسات تقف على شرفة أمواج التغيير، وعلى أعتاب الوصول إلى تشكّل وتكوّن شرائح كبيرة من فئاته.. تكون قادرة على تلمس الحراك الفكري.. وإدراك حتميته، وقيادته، أن نتساءل عن كيفية هذا الوقوف إزاءه؟ وعن الهيئة التي سنكون عليها؟ وعن مستوى الوعي الجمعي فيه؟   فمازال هناك من يسير في طريقه بنفس تشوبها الريبة والتوجس.. ومنهم من يلتقطه ويفلته.. ومنهم من خرج عن دائرة المألوف وتلقف شيئاً منه.. وكأنه قبس من نور يضيء له ظلمته، ويأنس به وحشته.. تشبث به فرحاً، وتبناه قبل تمحيصه وقياسه ومعرفة كنهه.. حتى جعل منه نافذة ينفث من خلالها على المارّة في الطرقات صنوف اللعنات.. سواء تعرف على الوجوه أم لم يعرفها.. فقط يلعن الظلام وعلبة الشموع بجانبه.. ابتاعها ولم يحضر معها عود الثقاب.. وبقي الآخرون صامدين في وجه التيار.. لا يبرحون تكلس الجمود، وسلامة الساكن.. وأمان العادة.. وهكذا..   فقد سادت على الجمع صبغت النقل على تفرد العقل! فانشغلوا بالظنون عن العمل.. وتباروا بالقول عن الفعل..  لقد تشوهت في عيون هؤلاء معالم الطريق.. وأضحت الجهود تتبدد فيما بينهم.. أحدهم يعمل

العمر.. رحلة

العمر.. رحلة    لكل منا حياته التي لا تتساوى مع غيره، وآماله التي لا تتطابق دقائقها مع أقرانه، وأعماله التي لا تستنسخ لشخص آخر.. أفكار الإنسان مختلفة كنسيج الحَمْن أو الحمض المُزَدْأَن الرَّيْبِيّ النّوويّ (ِDNA).. متفردة كمحيط الأذن.. دقيقة كبصمة البنان، قال تعالى (بلا قادرين على أن نسوّي بنانه).. فسبحان من خلق الخلق فأبدعه ووضع لكل فرد بنيته المتفردة.. إذ لا يوجد اثنان يتطابقان بكل السجايا حتى لو أرادا ذلك.. وإن نادى داع الحب.. ولوحت مآقي العيون بالإعجاب.. واقتفت الخطى جادة المحاكاة.. وأطنبت الألسن بالأمثلة.. فالتجارب تستعيد نتائجها في علوم الطبيعة.. وتستعصي في علوم الإنسان!   يمضي العمر.. تتعاقب السنون.. تتبدل الهيئات.. أنفس تأسرها البرازخ.. وكأنها نبات غض أورقت أطرافه فاشتد عوده.. أثمر فتعددت فروعه، وتساقت أغصانه.. أو مات قبل القطاف.. ثوانٍ ودقائق.. زفرات تعود قبل تمام خروجها.. خيالات تتشكل مع كل إشراقة صباح.. أرواح أعيتها المعارك.. أفران تتوقد في خلجات نفس ما إن تحط رحالها في فيض إلا وأعقبتها حياض كر وفر.. هذه رحلتك.. زادها خليط بين عقل يعقل.. وميل لهوى عابر..    لم أسمع يوماً

النص النظامي يكفل العدالة

  النص النظامي يكفل العدالة 2012-06-22 12:30 AM      طالب فداع الشريم جميل جداً وأمر يدعو للتفاؤل وإضاءة الجانب الإنساني قبل كونه نظاميا، أن كل النُظم الداخلية للدولة بُنِيَت على أساس يكفل تحقيق وتنظيم حقوق المواطن الذي يُنص عليها الدستور العظيم، وبالتالي تَمّسُكه وضمان تقديمه كامل واجبات المواطنة..  وفي سياق هذه الحقوق والواجبات نأتي على ذكر قرار العقوبة والغرامة المالية الذي أصدرته المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة القصيم تجاه طبيبة أسنان تعمل في مستوصف حكومي، كقرار يبسّط المعنى ويقربه ليتسق مع مختلف الإجراءات الواجبة على كافة مستويات قيادات الدولة للحصول على مخرجات مخطط لها عن طريق هرم المدخلات الإداري.. نص مكتوب وضابط لعلاقة مُقّدِم وطالب خِدمة.. أخل الأول بطبيعة عمله.. تضرر الثاني.. تحرك منفذ النص، وأصدر قراراً مفصلاً ذُكر فيه عقوبة الجانب الإجرائي في أداء المعالج وقدّرها بمبلغ 50 ألف ريال تدفع للمتضرر، بالإضافة إلى دفع مبلغ آخر أيضاً 100 ألف ريال كتعويض عن المعانات النفسية وما يترتب عليها.. وبذلك تمت المعادلة بكل سهولة!  تستحق هذه الجهة الحكومية التي ا