دعاة النظريات الوافدة - الصراع الوجودي - مجلة أحوال المعرفة

 دعاة النظريات الوافدة 

تثاقفا من تربة لها ظروفها العقدية والأيديولوجية

|

الصراع الوجودي


د. طالب فداع الشريم                                                           مجلة أحوال المعرفة 


النظريات الوافدة - مجلة أحوال المعرفة

الصراع الوجودي


يدرك سين أو لا يدرك أن الوجودية نظرية فلسفية ومذهب فكري، لها ما لها وعليها ما عليها، إن إيجابا أو سلبا، وربما هو يعلم أو لا يعلم أنه من دعاة النظريات المستوردة، والهجينة أو الوافدة تثاقفا من تربة لها ظروفها العقدية، والسياسية، والتقاليدية، ويعرف أو لا يعرف أن كل فكر إنساني هو بالضرورة قابل للأخذ والرد.. وكل فكرة فلسفية إنسانية سواء كان يعارضها أو يأخذ بها ستكون مدرجة ضمن العلوم الإنسانية غير القطعية، وبالتالي ستحمل دائما في معزلها بذور فنائها وموتها، أو قابلية البناء عليها وإحيائها.

إن حياة هذا السين المقذوف في الدنيا مليئة بالصراعات الوجودية، من صباحاته الأولى إلى مساءاته المتأخرة، ومن ربيع عمره حتى خريفه، ولا يعنيه مقولة أن الوجود سابق على الماهية، وربما لم يسبق أن سمع بها، وإن سمع بها لن يأخذ بها لتعارضها مع قيمه، أو دينه، أو موروثه، ولكنه مع ذلك سمع وطرب وأنتظر إثبات الوجود، وفرض الكينونة، بين وجودات تنافسه على مقعد الحظوة، وإشارات الأبنة، طالما كان وجوده زائفا وركيكا، ومأزوما.

هم أولئك السين، وأمثاله من الفرد الواحد، والجماعات، والمجتمعات، والدول، تجدهم ما بين شقي الرحى، فما بالأذهان من روح ونفس يناقضها وينافسها وينسفها ما بالأعيان المتجسم والمتشكل والشاخص أمامه. لذلك تباين الناس والكيانات في الوجود، فثمة من يكون وجوده أصيلا، زاهيا، ومتصالحا مع نفسه ومع الآخر المفارق والمنقسم عن جسده وروحه، لأنه أستكمل في ذاته أولا، وبذاته تاليا، وأصبح قادرا على تطويع كل متغير في حدوده الزمانية، وطبيعته المكانية.

قد يدرك لاحقا هذا السين من الناس حقيقة أن الله وحده واجب الوجود الأزلي وعيا وسمة وسلوكا، وما سواه ممكن الوجود، حقا وباطلا، خيرا وشرا، جمالا وقبحا.. وبالتالي يضع لنفسه الخط الفاصل بين ذاته، وبين ما يريده، وما لا يريده، مع التوقع المسبق لحدوث أي منهما طالما يخضعان إلى ممكن الوجود، والوقوع.



taleb1423@

   

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية المعرفة عند الفارابي

الإنسان المقذوف .. !

معادلة الأنا .. ألآخر