مجتمع بلا معالم !

   
     قد تتشابه المجتمعات في البنية المؤسساتية، ولكنها بالتأكيد ستختلف في الانتاجية والرؤية والتنافسية والريادة، فلكل مجتمع صوته ورأيه وتأثيره ورسالته..

   فقد سطع نجم الحضارة العربية الإسلامية وسيطرت ثقافتها على العالم حتى القرن الثاني عشر.. فتلقفتها المسيحية الغربية التي كانت ترزح تحت وطأة الكنيسة، وأخذت بعلوم قدماء العرب على الرغم من عداوتها للعروبة والإسلام، فأعلنت قتالنا بسلاحنا الثقافي، في الوقت الذي انشغلت فيه المجتمعات العربية الإسلامية عن إرثها واستأثرت بالقشور ، واستمر هذا البعد، وسيستمر التشرذم مالم ينهض الوعي الجمعي لاسترداد رسالتنا العظيمة. 
      كثيراً ما نسمع عن خصوصية مجتمعنا المعاصر، ولكننا لا نرى لهذه الخصوصية سمة نافذة إلى العالم، وكيف تنفذ وقد أصبحت بلا معالم - جئنا للحياة.. كبرنا.. وهرمنا.. ولم نقرأ سطراً واحداً يحكي علومها، وصناعاتها، وعدتها وعتادها، بل أصبح حاضرها بلا أثر، إنه الفراغ المسؤول؟!.. التاريخ لن يدونه.. فليس من مهامه كتابة الفراغ!!، فإلى أي جهة أمّم شطره؟! أ إلى الأعراب الأوائل؟.. أم سيعود إلى عرب القرون الوسطى المشرقة بالعلوم والفلسفة والإنسانيات؟.. أين هو من العالم الأول وقد كان نواته ومنبعه؟.. ولماذا برز الكثير من أفرادة عندما انتقلوا إلى المجتمعات الغربية؟ في الوقت الذي يتسول أمثالهم الفرصة هنا، وإن حصلت تحولوا لسابقيهم في الفكر والنتاج.
      مجتمع لا يعلم ماذا يريد؟! فقد يسارع الخطى ويحثها حثيثاً، قد يرسم ويخطط ويعلن فحسب!! ولأنه فصيح اللسان يطنب في الكلام.. تسمع جعجعتة ولكن لا ترى له لا طحن ولا طحين!!  يتكسب على تداعي جسده الآخر!!.. لقد أوغلت في عروقه ومفاصله النفعية والاستحواذ والإقصاء.. وأهدافه لم تتجاوز بعد أرنبة أنفه!!
   نعم يملك هذا المجتمع الكثير والكثير من الثروات والعقول البشرية ولكنه غرقااااااان في التفاهات والشكليات والكماليات .. بحق مجتمع لاهٍ.. مجتمع مكبل أستقر في وادٍ سحيق لا يرى إلا بعضاً منه..  يتصيد الحركة والسكون.. يتطاول وهو لا يعلم إنه قد تغزم بعيون الآخر الذي قد سبر أغواره.. ومحص إمكاناته الهشه.. 
طالب فداع الشريم
taleb1423@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية المعرفة عند الفارابي

الإنسان المقذوف .. !

معادلة الأنا .. ألآخر