الأبعاد الثقافية للرياضة



الأبعاد الثقافية للرياضة
طالب فداع الشريم
تاريخ النشر : 05-09-2011 22:39

   قد لا أبالغ إن قلت يوجد في كل بيت سعودي رجل رياضي.. ممارساً، أو مشجعاً، أو عامل.. وهذا يقودنا لتلمس الأبعاد الثقافية والاجتماعية المتوقعة للدور الذي تلعبه الرياضة.. بحكم انتشارها الواسع وتأثيرها الملموس على كثير من الجوانب التي تمس الفرد والمجتمع.. وإن كان ثمة من يقول هي لهو ولعب.. فإنه كمن يفصل الإنسان إلى شطرين ليس لهما صلة ببعض.. وهذا الكلام قد يكون بعيداً عن القبول.. فالرياضة نشاط إنساني لا يتم بدون مشاركة جماعية، والإنسان بطبعة يميل دائماً للمنافسة مع الآخرين.. بمعنى لا أحد ينافس نفسه وحيداً في حال يكون فيه هو الأول والأخير.. فالأفعال والممارسات المشتركة جزء من سلوك المجتمع.. وأنشطتها وثيقة الصلة بالعلوم الإنسانية والاجتماعية، وكذلك العلوم الاقتصادية، وقد أطلق عليها بعض مفكري أواخر القرن العشرين " علم اجتماع الرياضة ".. من خلال بحوثهم الأكاديمية التي تقصت إفرازات تلك الأنشطة.. إذن لابد أن نقول بإن للرياضة أبعاد وجوانب ثقافية بالغة الأثر في المجتمع..

   طبعاً سيكون لهذا الكلام قبولاً أكبر بين الأجيال القادمة.. بسبب وجود بعض المنظرين المعاصرين للرياضة والتي انحسرت رؤيتهم لها في نطاق ضيق لا يتجاوز إطار الكسب الشخصي فقط.. وأصبحت في نظرهم ميدان لانتصارات ذاتية.. وتصفية حسابات.. ومجال تشفي.. ورد ديون قديمة جداً لدى البعض، تصل لأكثر من عقد من الزمن!.. والبعض الآخر قد لا يعيرها أي أهتمام إن لم يكن مناهظ لها.. ولكنها سنن الحياة ونواميسها، وعجلت التغيير لن تتوقف عند هؤلاء.. فالأبناء خلقوا لغير زمان الأباء..

   إذن قد نتفق أن للرياضة تأثير كبير، ولها تماس مباشر في التقاط القيم والأخلاق الاجتماعية، مما يجعل لها تأثير مباشر في سلوك النشء وبناء الشخصية للشباب.. وخاصة بعد ظهور جيل الحزم الضوئية.. هذا الجيل التقني والعنكبوتي، الذي أصبح على اطلاع كامل بالثقافات الأممية عابرة الحدود.. وهذا ما يدعونا للمطالبة بوضع أسس مبنية على دراسات علمية تتواكب معها الأنشطة الرياضية المحلية.. وتزرع من خلالها القيم الحسنة التي يجب أن تتسق معها الشخصية المجتمعية المتزنة.. التي تستطيع تقبل نتائج المنافسات بوعي وروح رياضية.. وتضع منافسات الرياضة في سياقها الذي يجب أن تكون عليه.. من خلال رفد المجتمع بتعزيز عوامل بناء أفراده، وعلى وجه الخصوص شباب اليوم الذين هم رجال الغد..

   إن أي تقدم اجتماعي في أي بلد لا بد له من توفر عوامل مساعدة تحققه كمنجز وطني.. وإن تحقق فلا بد له من أدوات تنقل صورته.. وأهم ناقل وموصل لبنيته عبر الآفاق والمحافل هي الرياضة.. بل إن المنجز الرياضي مؤشر يحكم من خلاله على مستوى التقدم في الجوانب الاجتماعية والثقافية لهذا المجتمع أو ذاك..


taleb1423@hotmail.com

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية المعرفة عند الفارابي

الإنسان المقذوف .. !

معادلة الأنا .. ألآخر